234

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

وَفَاحِشَةُ أُولَئِكَ إنَّمَا كَانَتْ طَوَافُهُمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، وَكَانُوا يَقُولُونَ لَا نَطُوفُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا، فَهَؤُلَاءِ إنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ عُرَاةً عَلَى وَجْهِ اجْتِنَابِ ثِيَابِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُمْ مَا ذَكَرَ.
فَكَيْفَ بِمَنْ يَجْعَلُ جِنْسَ الْفَاحِشَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشَّهْوَةِ عِبَادَةً. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ الْعَوْرَةِ، وَغَضُّهَا عَنْ مَحَلِّ الشَّهْوَةِ.
فَالْأَوَّلُ: كَغَضِّ الرَّجُلِ بَصَرَهُ عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ»، وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ: «احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك» . قُلْت: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا مَعَ قَوْمِهِ؟ قَالَ: «إنْ اسْتَطَعْت أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا» .
قُلْت: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْهُ النَّاسُ» وَيَجُوزُ أَنْ يَكْشِفَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا يَكْشِفُ عِنْدَ التَّخَلِّي، وَكَذَلِكَ إذَا اغْتَسَلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ بِجَنْبِ مَا يَسْتُرُهُ، فَلَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ عُرْيَانًا كَمَا اغْتَسَلَ مُوسَى عُرْيَانًا، وَأَيُّوبُ، وَكَمَا فِي اغْتِسَالِهِ ﷺ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَاغْتِسَالِهِ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ النَّظَرِ: كَالنَّظَرِ إلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَهَذَا

1 / 284