146

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

هِيَ شَيَاطِينُ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف: ٣٦] . وَذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَهُ، وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ اللَّذَانِ قَالَ اللَّهُ فِيهِمَا: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٣١]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [آل عمران: ١٦٤]، وَهُوَ الذِّكْرُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] .
فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ هَذَا الذِّكْرِ، وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قُيِّضَ لَهُ قَرِينٌ مِنْ الشَّيَاطِينِ، فَصَارَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ بِحَسَبِ مَا تَابَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مُوَالِيًا لِلرَّحْمَنِ تَارَةً وَلِلشَّيْطَانِ أُخْرَى، كَانَ فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَوِلَايَةِ اللَّهِ بِحَسَبِ مَا وَالَى فِيهِ الرَّحْمَنَ، وَكَانَ فِيهِ مِنْ عَدَاوَةِ اللَّهِ وَالنِّفَاقِ، بِحَسَبِ مَا وَالَى فِيهِ الشَّيْطَانَ، كَمَا قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: " الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ: قَلْبُ أَجْرَدُ فِيهِ سِرَاجٌ يُزْهِرُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ، وَقَلْبُ أَغْلَفُ فَذَلِكَ قَلْبُ الْكَافِرِ، وَالْأَغْلَفُ قَلْبٌ يُلَفُّ عَلَيْهِ غِلَافٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ الْيَهُودِ: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة: ٨٨]، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ ﷺ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ»، وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ فَذَلِكَ قَلْبُ الْمُنَافِقِ، وَقَلْبٌ فِيهِ مَادَّتَانِ مَادَّةُ تَمُدُّهُ لِلْإِيمَانِ، وَمَادَّةٌ تَمُدُّهُ لِلنِّفَاقِ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ كَانَ الْحُكْمُ لَهُ "، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ

1 / 193