Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْكَوَاكِبَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْوُجُودِ]
مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْكَوَاكِبَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الْوُجُودِ أَوْ يَقُولُ إنَّ لَهُ نَجْمًا فِي السَّمَاءِ يَسْعَدُ بِسَعَادَتِهِ، وَيَشْقَى بِعَكْسِهِ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ [النازعات: ٥] .
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ [الواقعة: ٧٥]، وَيَقُولُ إنَّهَا صَنْعَةُ إدْرِيسَ ﵇، وَيَقُولُونَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ نَجْمَهُ كَانَ بِالْعَقْرَبِ وَالْمِرِّيخِ، فَهَلْ هَذَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَمَتَى يَكُنْ مِنْ الدِّينِ، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَى قَائِلِهِ؟ وَالْمُنْكِرُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ يَكُونُونَ مِنْ الْآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنْ الْمُنْكَرِ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، النُّجُومُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، الْمُسَبِّحَةُ لَهُ، السَّاجِدَةُ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ﴾ [الحج: ١٨] . ثُمَّ قَالَ: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ [الحج: ١٨] .
وَهَذَا التَّفْرِيقُ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ السُّجُودَ لِمُجَرَّدِ مَا فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ، إذْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، فَجَمِيعُ النَّاسِ فِيهِمْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ وَهُوَ قَدْ فَرَّقَ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ مِنْ جِنْسِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَيَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ الْكَافِرِ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ.
وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ قَدْ جَعَلَ فِيهَا مَنَافِعَ لِعِبَادِهِ وَسَخَّرَ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾ [إبراهيم: ٣٣] .
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾ [الأعراف: ٥٤] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: ١٣]، وَمِنْ مَنَافِعِهَا الظَّاهِرَةِ مَا يَجْعَلُهُ سُبْحَانَهُ
1 / 57