Fatwas on Alcohol and Drugs
فتاوى الخمر والمخدرات
Penyiasat
أبو المجد أحمد حرك
Penerbit
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
بنقيض قصده، فقال: ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات)) (٤٦) وأما (المقامر) فإنه قد يغلب فيظلم، فقد يكون المظلوم هو الغني، وقد يكون هو الفقير، وظلم الفقير المحتاج أشد من ظلم الغني. وظلم يتعين فيه الظالم القادر أعظم من ظلم لا يتعين فيه الظالم، فإن ظلم القادر الغني للعاجز الضعيف أقبح من تظالم قادرين غنيين لا يدري أيهما هو الذي يظلم. فالربا في ظلم الأموال أعظم من القمار، ومع هذا فتأخر تحريمه. وكان آخر ما حرم الله تعالى في القرآن، فلو لم يكن في الميسر إلا مجرد القمار لكان أخف من الربا، لتأخر تحريمه. وقد أباح الشارع أنواعاً من الضرر للحاجة. كما أباح اشتراط ثمر النخل بعد التأبير تبعاً للأصل، وجوز بيع المجازفة وغير ذلك. وأما الربا فلم يبح منه، ولكن أباح العدول عن التقدير بالكيل إلى التقدير بالخرص (٤٧) عند الحاجة. كما أباح التيمم عند عدم الماء للحاجة، إذ الخرص تقدير بظن، والكيل تقدير بعلم. والعدول عن العلم إلى الظن عند الحاجة جائز. فتبين أن الربا أعظم من القمار الذي ليس فيه إلا مجرد أكل المال بالباطل، لكن الميسر تطلب به الملاعبة والمغالبة نهى عنه الإنسان {لفساد عقله} (٤٨) مع فساد ماله. مثل ما فيه من الصدود عن ذكر الله وعن الصلاة. وكل من الخمر والميسر فيه إيقاع العداوة والبغضاء. وفيه الصد عن ذكر الله، وعن الصلاة: أعظم من الربا وغيره من المعاملات الفاسدة.
فتبين أن (الميسر) اشتمل على (مفسدتين): مفسدة في المال، وهي أكله بالباطل. ومفسدة في العمل، وهي ما فيه من مفسدة المال وفساد القلب والعقل وفساد ذات البين، وكل من المفسدتين مستقلة بالنهي، فينهى عن أكل المال بالباطل مطلقاً، ولو كان بغير ميسر كالربا، وينهى عما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء ولو كان بغير أكل مال. فإذا اجتمعا عظم التحريم: فيكون الميسر المشتمل عليهما أعظم من الربا. ولهذا
(٤٦) جزء من الآية ٢٧٦ من سورة البقرة.
(٤٧) الخرص: التخمين، يقال خرص النخل والكرم: أي حرز ما عليه من الرطب تمرا، ومن العنب زبيبا.
(٤٨) القوس موجود في النص المطبوع، ولم يشر إلى مدلوله.
65