60

Fatwas on Alcohol and Drugs

فتاوى الخمر والمخدرات

Penyiasat

أبو المجد أحمد حرك

Penerbit

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

به النفوس وتحتاج إليه في طيبها وانشراحها فهو من الرزق، والله تعالى يرزق ذلك لمن اتقاه بفعل المأمور وترك المحظور. ومن طلب ذلك بالنرد والشطرنج ونحوهما من الميسر: فهو بمنزلة من طلب ذلك بالخمر، وصاحب الخمر يطلب الراحة ولا يزيده إلا تعبًا وغما، وإن كانت تفيده مقدارًا من السرور: فما يعقبه من المضار ويفوته من المسار أضعاف ذلك، كما جرب ذلك من جربه، وهكذا سائر المحرمات.

ومما يبين أن (الميسر لم يحرم لمجرد أكل المال بالباطل - وإن كان أكل المال بالباطل محرمًا، ولو تجرد عن الميسر، فكيف إذا كان في الميسر؟! - بل في الميسر علة أخرى غير أكل المال بالباطل، كما في الخمر: أن الله قرن بين الخمر والميسر، وجعل العلة في تحريم هذا هي العلة في تحريم هذا، ومعلوم أن الخمر لم تحرم لمجرد أكل المال بالباطل، وإن كان أكل ثمنها من أكل المال بالباطل: فكذلك الميسر.

بين ذلك أن الناس أول ما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر والميسر: أنزل الله تعالى: ((يسألونك عن الخمر والميسر؟ قل: فيهما إثم كبير ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما)) (٢٨) و(المنافع) التي كانت، قيل هي المال. وقيل: هي اللذة. ومعلوم أن الخمر كان فيها كلا هذين، فإنهم كانوا ينتفعون بثمنها والتجارة فيها، كما كانوا ينتفعون باللذة التي في شربها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم لما حرم الخمر (لعن الخمر وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها) (٢٩). وكذلك (الميسر) كانت النفوس تنتفع بما تحصله به من المال، وما يحصل به من لذة اللعب. ثم قال تعالى: وإثمهما أكبر من نفعهما لأن في المقامرة أكثر، والألم والمضرة في الملاعبة أكثر. ولعل المقصود الأول لأكثر الناس بالميسر إنما هو الانشراح بالملاعبة والمغالبة، وأن المقصود الأول لأكثر الناس بالخمر إنما

(٢٨) جزء من الآية ٢١٩ من سورة البقرة.

(٢٩) رواه أبو داود وابن ماجه، والترمذي وقال: حديث غريب.

60