قالت: «إنها رسالة هامة مستعجلة وقد رآني الخفر بالباب ولم يعترضوني.»
قال: «أنا أعترضك ... قف عندك أو تعال معي إلى النور لأرى وجهك ... إني أعرف غلمان القصر جميعا.»
فتحيرت في أمرها وتفرست بمخاطبها وأخذت تفكر فيمن عساه أن يكون وصوته يشبه صوت الحسين بن جوهر واستبعدت أن يكون هو هناك وليست الخفارة من شأنه. فتجاهلت وظلت ماشية وهي تقول: «إني ذاهب في مهمة سرية لا يجوز للخفر أن يطلع عليها ولا أن يعرف من أنا.»
قال: «إذا كان ذلك لا يجوز لسواي فهو جائز لي.» قال ذلك ومد يده يريد أن يمسكها من يدها فنفرت منه وخبأت يدها وراء ظهرها وقالت: «قل لي من أنت قبلا.»
قال: «أنا الحسين بن القائد جوهر.»
فلما تأكدت أنه هو بعينه ارتج عليها ولم تخف على نفسها منه لكنها خافت كشف سرها. فحولت وجهها عنه ومشت وهي تقول: «لا نعهد الحسين بن أكبر القواد ينتحل مهنة الخفر ليتعرض لرسول أمير المؤمنين ... دعني وشأني وإلا فإن تأخري تعود عاقبته عليك.»
فاعترضها وهم أن يمسك يدها فأفلتت يدها منه بجسارة فقال لها: «ليس من شأنك أن تعين لكل إنسان مهمته. نحن جميعا نخدم مصلحة أمير المؤمنين نضرب بسيفه ونخفر قصره. دع عنك ذلك واتبعني وإذا كنت رسولا كما تزعم فلا خوف عليك بل أكون لك عونا في إبلاغ الرسالة.»
فلم تجد لمياء بدا من الطاعة فقالت: «ها إني واقف ما الذي تريده مني ... اكشف اللثام عن وجهك أولا ثم خاطبني.»
فأزاح اللثام فإذا هو الحسين بعينه فخفق قلبها واستغربت تلك المصادفة وقالت: «نعم أنت مولانا الحسين بن القائد جوهر فما الذي يريده مني؟»
قال: «إني لا أرى وجه صقلبي ولا أسمع صوت صقلبي إني أسمع صوت امرأة.»
Halaman tidak diketahui