وأشرفت لمياء على مدينة الفسطاط من جهة الشمال الغربي في صباح يوم صفا جوه، فوقع بصرها على المدينة عن بعد فلفت إعجابها جامع عمرو في وسطها، وحوله الأبنية الكبيرة بينها المآذن العديدة ووراءها النيل قد رست فيه السفن في ميناء الفسطاط من جهة الغرب، وبانت سواريها مصطفة كالرماح إذا تقلدها صف من الفرسان وقف بنظام، وبين الفسطاط والمقطم البساتين والغياض وفيها الأشجار الغضة وأنواع الرياحين والأزهار، أجملها بين المقطم والخليج بستان الإخشيد أو البستان الكافوري (في محل الأزهر والسكة الجديدة من أبنية القاهرة اليوم) وإلى جنوبي الخليج ناحية المقس ومناخ المهراني وأرض الطبالة، (وهي الأماكن التي عمرت فيها بعد ذلك الفجالة والظاهر والتوفيقية والأزبكية وغيرها)، فأخذت لمياء تسأل دليل الركب عما يقع بصرها عليه من البساتين، وهو يقص عليها. ثم استوقف بصرها بستان واسع، فيه بقعة كالميدان قد نصبت فيها الخيام، فقالت للدليل: «ما هو هذا البستان؟»
قال: «هو بستان الإخشيدي يا سيدي.»
قالت: «أراه جميلا. فلنعرج إليه للراحة ثم نواصل السير.»
قال: «لا يمكننا ذلك الآن ولو جئنا في غير هذا اليوم ربما استطعنا دخوله.»
قالت: «ولماذا؟»
قال: «ألم تري يا سيدي الخيام المنصوبة في وسطه وعليها الأعلام؟»
قالت: «بلى، وما هي؟»
قال: «هذه سرادقات نصبوها للأمير كافور الإخشيدي صاحب مصر الآن؛ لأنه منحرف الصحة وأشار عليه طبيبه أن يقيم في الخلاء؛ لعله ينتفع.»
قالت: «هل كافور هو أمير مصر الآن.»
قال: «نعم يا مولاي هو أميرها منذ عامين ... ونعم الأمير.»
Halaman tidak diketahui