فقالت سعدى: «مالي أرى الهواجس قد عادت إليك ألم يكفيك ما سمعته عن حماد؟» فلم تجب.
فازدادت سعدى حنوا والفت يدها على كتف ابنتها وقالت لها: «ما بالك ساكتة يا هند ألم تشكري الله على أنعامه.»
قالت: «شكرته كثيرا ولكنني أراه لم يأذن بانقضاء زمن تعاستي لأني لم أكد اسمع ما سرني حتى رأيت ما كدرني.»
قالت: «وما الذي يكدرك بعد ذلك.»
قالت: «يكدرني أن أرى حبل المساعدة كاد ينقطع.»
قالت: «وماذا تعنين بذلك.»
قالت: «أعنى ما أقرأه على وجهك من آيات التردد ولا لوم عليك فقد عاملتني بما استحقه.» قالت ذلك وقد وقفت تتشاغل بحل ضفيرتها وعقصها أمام المرآة فرافقتها سعدى وهي تنظر إليها وتتوقع منها ابتساما فرأتها لا تزال منقبضة فخافت أن تعود إلى حالها من الضعف فهان عليها كل ما تريده وصممت على مساعدتها فعلا فتظاهرت بالاستغراب وهمت بها فقبلتها وضمتها إلى صدرها قائلة: «انزعي عنك الظنون يا هند فإني على ما تريدين ولسوف ترين مني ما يسرك.»
فانتعشت هند لما سمعته ولكنها تظاهرت بإنكار ذلك وقالت: «يكفيني أملا بلا عمل فإني أراك تسخرين بي.»
فضحكت سعدى حتى قهقهت وأظهرت المزاح قائلة: «ذلك خلق المحبين فإنهم لا يستقرون على حال.»
فنظرت هند إليها شذرا وشعرها لا يزال محلولا وأصابعها تتخلله فلما رأت والدتها تضحك انبسط وجهها وعادت إليها الآمال فتبسمت ولكنها حولت وجهها نحو المرآة وتشاغلت بضفر شعرها.
Halaman tidak diketahui