قالت: «بل أقول الجد فإن عمك الحارث خاطب والدك بشأنك فماذا نجيبه.»
فإلتفتت هند إلى والدتها باستخفاف كأنها تقول لا أصدق ما تقولين.
فأجابتها بملامح عينيها وابتسامها أنها تريد الجد وقالت: «لا بل أسألك سؤلا صريحا هل تحبين ثعلبة.»
فنهضت هند عند ذلك وتظاهرت بجمع الأزهار التي كانت قد وقعت من يدها وازداد وجهها امتقاعا وظنت سكوتها جوابا كافيا وظنها في محله ولكن سعدى كانت تبالغ في التجاهل لعل الحديث يجرها إلى معرفة سبب انقباض ابنتها بعد ليلة الدير فقالت لها: «ما بالى أخاطبك فتتشاغلين عن جوابي ألعل خطابي لا يستحق الجواب عندك.»
فترامت هند على صدر والدتها بدالة الوالدية وقبلت يدها وقد خجلت لهذا التوبيخ وقالت: «حاشاي أن أفعل ذلك يا أماه ولكنني أعجب لسؤالك وإصرارك على طلب الجواب وأنت تعلمين أني أريد التبرئ من القرابة القديمة فهل أجر علي عيبا آخر فليس لثعلبة وطر عندي.»
فقالت: «أظنك شغلت عنه بغيره.» قالت ذلك وتظاهرت بالمزاح ولكنها آنست في وجه هند تغيرا سريعا فعلاه الاحمرار بغتة وسكتت.
فقالت سعدى: «ما بالك لا تجيبينني وأرى وجهك يتكلم وعيناك تعترفان فما بال لسانك لا ينطق.»
فتذكرت هند حبيبها واشتغالها به عن كل شيء وتصورت ما أتاه ثعلبة من الأذى له فاشتد بها الأمر حتى ترقرقت الدموع في عينيها فحولت وجهها عن والدتها إخفاء لما كاد يظهر من عواطفها وتشاغلت بمراقبة غزال نافر رأته يثب على التلال عن بعد وظلت صامتة ويكاد الدمع يتناثر من عينيها.
فازدادت والدتها إرتيابا في شأنها فقالت في نفسها (هذه هي الفرصة المناسبة لكشف المخبأ) فقالت لها: «ما بالك تحولين وجهك عني يا هند ألعلك تخفين شيئا.»
فظلت هند متلفتة وتمنت أن تكون في خلوة لتطلق لدموعها العنان.
Halaman tidak diketahui