قال: «ذلك كتاب غير الذي ذكرته لك أرسله قبله أما قولك أن هرقل لم يفعل مثل فعل الغساني فلأنه هاب ملكنا وأما الغساني فقد غره جهله وسوف يلقى منا ما لقيه عرب الحجاز واليمن ممن أبوا الإسلام.»
فقال عبد الله: «ومن هو الأمير الجالس في صدر الخيمة ومن هم الأمراء الذين حوله.»
قال: «هو زيد بن حارثة مولى رسول الله أما الأمراء الآخرون فالجالس منهم عن يمينه هو جعفر بن أبى طالب ابن عم نبينا والجالس عن يساره عبد الله بن رواحة وقد أوصى لهما بالإمارة على هذا الجيش لكل منهما عند الحاجة وقد أمرنا نبينا أن نأتي المكان الذي قتل فيه رسولنا وهي قرية يقال لها مؤتة فندعوا أهله إلى الإسلام فإن أبوا قاتلناهم حتى نفنيهم عن آخرهم أو يحكم الله بيننا وبينهم.»
فأدرك عبد الله سر الأمر. فقال للرجل: «وما الذي جنيته أنا حتى سقتموني أسيرا وما أنا من الروم ولا من غسان.»
قال: «لا أظن عليك بأسا من هذا الأمر ولو لم تتظاهر بصداقتك لأبى سفيان لكان ذنبك خفيفا ولكنك ستبقى في أسرنا لعلنا نحتاج إليك في أثناء الحرب.»
فسكت عبد الله وقد هان عليه ما خافه ولبث ينتظر ما يأتي به القدر ولكنه ما لبث أن هدأ روعه من قبيل الخطر عليه حتى عاد إلى هواجسه بشأن حماد وكلما ترجح له موته تمنى أن يقتل فيلحق به.
وبعد يومين من دخوله في الأسر تهيأت تلك الحملة للمسير إلى مؤتة فلنتركهم في طريقهم ولنعد إلى حماد وما تم له مع سلمان.
الفصل الحادي والعشرون
حماد وسلمان
تركنا حمادا وسلمان وقد خرجا من الدير وسلمان يفضل العدول عن ذلك الطريق لما خافه من مسبعة الزرقاء وحماد يحبب إليه المسير فيه خوفا من طول المسافة إذا عدلا عنه.
Halaman tidak diketahui