فقال: «أعترف لك إني وصلت إليه اليوم بطريق الاتفاق وخاطبته فأجابني بإشارة يديه أنه لا يستطيع التكلم إلا في صباح الغد لأنه ممن نذروا السكوت أسبوعا والكلام أسبوعا».
فقال عبد الله: «فلنذهب إليه غدا إن شاء الله فهل ترافقنا يا حضرة الأب المحترم إلى مغارته».
قال الراهب: «يا حبذا لو استطعت المسير إليه معكما ولكنني شيخ لا أقوى على المشي ولا الركوب والطريق وعر فسيرا إليه بحراسة الله ودعوني أقيم هنا أصلي وأتضرع إليه تعالى أن يسهل سبيلكما».
فودعاه وخرجا.
الفصل التاسع والستون
ناسك حوران
وأصبح حماد وعبد الله في الغد فقال حماد: «إلا نصطحب سلمان في مسيرنا إلى الناسك».
قال عبد الله: «لا أرى ما يمنع ذلك وسلمان كما تعلم أكثر غيرة علينا من غيرة أحدنا على الآخر ولا أخالنا نستغني عنه في ما نحن فيه ولا يليق بنا وقد صحبناه أعواما خدمنا بها خدمات جمة أن نخفي عنه أمرا نجريه».
قال حماد: «ذلك ما أراه». وبعثا إليه فصحبهما وخرجوا في الصباح على أفراسهم وحماد دليلهم حتى اقتربوا من الجبل وأطلوا على الكهف فقال حماد: «هذا هو الكهف وكأني أرى الناسك في انتظارنا عند بابه».
فنظر عبد الله حتى إذا وقع نظره على الناسك تهيب من منظره عن بعد وصعدوا فلما دنوا من الكهف تحفز الناسك لملاقاتهم وكانوا قد ترجلوا ومشوا نحوه فقال: «أهلا بكم ومرحبا» وأخذ يتفرس فيهم واحدا واحدا بعينين براقتين تحت حاجبين بارزين بروز الطيف حتى يخال لك أن العينين في حفرتين عميقتين.
Halaman tidak diketahui