قال: «استبطأتك ورأيت الناس في هرج فخرجت لأرى ما يكون.»
قال: «لا تعجل فقد علمت ما لم تعلم اجلس لأقص عليك.» قال: «قل وما ذلك.»
قال: «قد بلغك خبر الخزاعيين وما كان من نكث عهد قريش وقد كنا نتوقع قدوم المسلمين بسبب ذلك لفتح مكة فتحقق ظننا لأن المسلمين جاؤوا وهم الآن في ضواحي مكة وأظنهم يهاجمون غدا وقد علمت أن أبا سفيان سار إلى المسلمين وسلم لهم وعاد يدعو الناس إلى الإسلام بعد أن كان من ألد أعدائه كما تعلم وسمعت رجاله ينادون بالأمان على كل من يدخل منزله أو منزل العباس عم صاحب هذه الرسالة أو يدخل المسجد أو يغلق بابه فنحن إذا أغلقنا بابنا كنا في مأمن وإلا فلنذهبن إلى المسجد فانه خير ملجأ فما الرأي.»
قال حماد: «أرى أن نغلق بابنا ولكننا نكون مع ذلك في خطر إذ ربما يعتدي علينا أحد سهوا فالمسير إلى المسجد أولى فهل أنت متحقق هجومهم على المدينة غدا.»
قال: «لا أدري ولكنني سأخرج صباحا وآتيك بالخبر اليقين.»
الفصل السابع والأربعون
فتح مكة
وباتوا تلك الليلة وأصبحوا في الغد فبكر سلمان إلى أكمة الأمس فأشرف على جيش المسلمين فسار إليه يستطلع الخبر فلم يكد يبلغه حتى رآه قد اصطف ومشى يتقدمه الفرسان وأصحاب الرايات وفيهم قبائل أسلم وغفار وأشجع وسليم وغيرهم فتأمل عددهم فإذا هو يزيد على عشرة آلاف وشاهد في الوسط موكبا هائلا في وسطه راحلة عليها رجل معتجر بشقة حمراء وعلى رأسه عمامة سوداء حرقانية واضعا رأسه على رحله وشاهد على الرحل ورأوه رجلا رديقا فعجب لذلك واشتاق لمعرفته فرآه قادما من جهة الجيش فسأله عن هذا الموكب فقال: «أنه موكب رسول الله وإن الراكب هو الرسول نفسه قد جعل رأسه الشريف على رحله وأردف أسامة بن زايد خادمه تواضعا» فعجب سلمان لذلك المشهد البهيج وقال في نفسه (لا عجب إذا نصر من كانت هذه خلاله) ثم سأل الرجل عن عزمهم على الفتح فقال له: «أنهم سائرون إلى مكة من أعلاها في تلك الساعة وإن فرقة منهم سائرة بإمارة خالد بن الوليد من أسفلها.» فهرول سلمان بأسرع من لمح البصر فاعترضه جموع القرشيين يتألبون للدفاع وفيهم الفرسان ولكن الفشل كان يتجلى على وجوههم وشاهد النساء ماشيات محلولات الشعور يستحثين الرجال بالأناشيد وفي أيديهن الخمر يضربن بها وجوه الخيل تحريضا وتوبيخا فلم يزدد من تلك المناظر إلا رهبة وخوفا وتحقق إذ ذاك أن المسلمين فاتحوها لا محالة فما زال سائرا حتى أتى الخان فقال: «هيا بنا سيدي إلى المسجد فانه خير ملجأ لنا.»
فاقفلا الغرفة وهرولا حتى دخلا المسجد وجلسا في بعض جوانبه فرأوا الناس هناك زرافات ووحدانا وقد استولى عليهم الخوف.
وبعد ساعات قليلة ضج الناس في المسجد وهم يقولون: «لقد أقبل رسول الله
Halaman tidak diketahui