قال: «أني تدبرت الأمر واستطلعت الخبر من أهل بصرى سرا فعلمت أن الخبر بالعفو وصلهم من عشرة أيام وان سيدي خرج من بيت المقدس مع قافلة سارت إلى الحجاز رأسا فهل تظنه سار معها.»
فقال حماد: «وكيف يعقل أن يسير إلى الحجاز ونحن على موعد من لقائه في عمان فلا يبعد أن يكون قد رافق القافلة إلى جوار عمان ثم عرج إليها.»
فقال سلمان: «ولكنه يعلم أن موعدنا فرغ إذ قد مضى الشهران أو أكثر منذ افترقنا.»
فقال حماد: «لعله أراد المرور بعمان ليتحقق عودتنا منها فلا يلبث أن يعلم بذلك حتى يعود فلنصبر قليلا نتنسم أخباره.»
فصمت سلمان وهو لا يزال خائفا على سيده ولكنه تظاهر بالاقتناع تخفيفا عن حماد وكان لا يزال بزي الرهبان وقد غشيه الغبار فنزع ثيابه وغسل وجهه وكان صاحب المنزل قد خرج في بعض المهام وترك كلبه يحرس المضارب ريثما يعود.
فاغتنما تلك الفرصة واخفيا ما جاء به سلمان من الأموال فجعلا بعضه في جيوبهما وبعضه بين الثياب.
الفصل السادس والعشرون
الخطبة
تركنا هندا في صرح الغدير وقد أملت الحصول على حماد ولكنها كانت ترى إظلالا من الريب تعترض آمالها لان ذكاءها ودقة نظرها أوحيا إليها شكا في رضاء والدتها عن حماد أما هذه فكانت تحاول إقناع نفسها في صلاح ما وعدت هندا به ولكنها مازالت ترى في ضميرها ما يعترض مقاصدها على أنها كانت تتغلب على ذلك الضمير إرضاء لابنتها وتنتظر ما يأتي به القدر.
وفيما هي جالسة ذات يوم في الصرح جاءها بعض الخدم ينبئها بقادم من البلقاء فهرولت إليه لعله جاء بخبر من جبلة وقد طال أمد غيابه فرأت فارسا ترجل وقبل يدها فعرفت انه من رجال زوجها فاستطلعته الخبر فقال: «أن الأمير جبلة قادم إليكم في صباح الغد وهو يقرئك السلام.»
Halaman tidak diketahui