Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

Mohamed Nasr El-Din Mohamed Ouida d. Unknown
98

Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab

فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب

Genre-genre

(حديث ابن مسعود ﵁ الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي ﷺ قال: من جعل الهموم همًا واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك. من جعل الهموم همًا واحدا هم المعاد: ولو أن كلًا منا في قلبه الآخرة، فسيدرك أن الله سبحانه على كل عمل يقوم به، فإنه إذا قام للصلاة تذكر: الله سيحاسبني على هذه الصلاة فيحسنها، وإذا صام أحسن الصيام، وإذا عمل أي عمل من الأعمال أتقن ذلك العمل، ولا من أجل أن يأخذ الجزاء من الناس، ليس من أجل أن يترقى، ولكن ابتغاء مرضات الله ﷾؛ لأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه، فإذا كانت الآخرة على بال الإنسان دائمًا فإن الله سوف يكفيه أمر دنياه، قال: (كفاه الله هم دنياه). ومن تشعبت به الهموم: يعني: نسي الآخرة وبدأ يفكر يريد أن يأكل ويشرب ويلبس ويريد كذا وكذا، ويعمل طول النهار وهو يفكر في أمور الدنيا، ناسيًا ربه سبحانه فهذا يكون حاله كما في الحديث: (لم يبال الله في أي أوديته هلك): يعني: في أي مكان هلك لا يبالي الله ﷿ به. فالمؤمن قريب من الله، والله يحبه ويفرح بتوبته وبإقباله عليه، أما الإنسان البعيد عن الله ﷾ فإن يهلك في أي واد لا يبالي الله به. سادسًا: أن محبها أشد الناس عذابًا بها، وهو معذب فى دوره الثلاث: يعذب فى الدنيا بتحصيلها والسعى فيها ومنازعة أهلها، وفى دار البرزخ بفواتها والحسرة عليها، وكونه قد حيل بينه وبين محبوبه على وجه لا يرجو اجتماعه به أبدًا، ولم يحصل له هناك محبوب يعوضه عنه، فهذا أشد الناس عذابًا فى قبره، يعمل الهمّ والحزنُ والغم والحسرة فى روحه ما تعمل الديدان وهوام الأرض فى جسمه. والمقصود: أن محب الدنيا يعذب فى قبره، ويعذب يوم لقاء ربه قال تعالى: ﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾ (التوبة: الآية: ٥٥). [*] قال بعض السلف: " يعذبهم بجمعها، وتزهق أنفسهم بحبها، وهم كافرون بمنع حق الله فيها ".

1 / 97