Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
Genre-genre
(حديث أبي كبشة الأنماري في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي ﷺ قال: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَحسنِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الأجرِسَوَاءٌ، وَرجلٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ في مَالِهِ لاَ يَتَّقِى فِيهِ رَبَّهُ وَلاَ يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلاَ يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فهو بِأَسوءِ الْمَنَازِلِ عند الله وَرجلٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلاَ عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ وهما في الوزر سَوَاءٌ.
هذه هي حقيقة الزهد، وعلى هذا فقد يكون العبد أغنى الناس لكنه من أزهدهم؛ لأنه لم يتعلق قلبه بالدنيا، وقد يكون آخر أفقر الناس وليس له في الزهد نصيب؛ لأن قلبه يتقطع على الدنيا.
(٣) ولا يكون الزهد أيضًا بترك الدنيا وتخليها من اليد والقعود صفرًا منها: فليس الزهد أن تترك الدنيا من يدك وهي في قلبك. وإنما الزهد أن تتركها من قلبك وإن كانت في يدك.
[*] وقال سفيان الثوري: الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.
وهكذا كان حال رسول الله ﷺ سيد الزاهدين، وحال الخلفاء الراشدين ومعهم عمر بن عبد العزيز وقد ضربوا بزهدهم المثل مع أن خزائن الأموال كانت تحت أيديهم، وفتح الله عليهم من الدنيا ما فتح، فما زادهم ذلك إلا زهدًا فيها ..
(٥) ولا يكون الزهد باعتزال الأزواج أبدًا
فلا يقربهن ولا يضاجعهن، فهذا ليس بزهد، بقدر ما هو ظلم ومطل القادر، ومنع أصحاب الحقوق حقوقهم .. فالزوجة لها الحق في أن يجامعها زوجها، فإن ترك جماعها زهدًا فيه فلا يجوز.
ومثله ما ظنه أبو الدرداء ﵁، حيث كان زاهدًا في الدنيا حتى اعتزل أهله ولم يعطهن حق الفراش، كما في الحديث الآتي:
1 / 164