Fasl al-Khitab fi al-Zuhd wa al-Raqa'iq wa al-Adab
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
Genre-genre
(كزاد الراكب) يعني ليكفك من الدنيا ما يبلغك إلى الآخرة فالمؤمن يتزود منها والفاجر يستمتع فيها والأصل أن من امتلأ قلبه بالإيمان استغنى عن كثير من مؤن دنياه واحتمل المشاق في تكثير مؤن أخراه، وفيه تنبيه على أن الإنسان مسافر لا قرار له فيحمل ما يبلغه المنزلة بين يديه مرحلة مرحلة ويقتصر عليه وفي بعض الكتب المنزلة ابن آدم خذ من الددنيا ما شئت وخذ من الهم أضعافه. (تنبيه) كان بعض العارفين إذا انقضى فصل الشتاء أو الصيف يتصرف في الثياب الذي يلبسها في ذلك الفصل ولا يدخرها إلى الفصل الآخر وهو مقام عيسوي فإن المسيح ﵇ لم تكن له ثياب تطوى زيادة على ما عليه من جبة صوف أو قطن وكانت مخدته ذراعيه وقصعته بطنه ووضع لبنة على لبنة من طين تحت رأسه فقال له ابليس قد رغبت يا عيسى في الدنيا بعد ذلك الزهد فرمى بهما واستغفر وتاب، وكان أبو حذيفة يقول: أحب الأيام إلي يوم يأتيني الخادم فيقول: ما في بيتنا اليوم شيء نأكله، هذا تأكيد شديد في الترغيب في الزهد، قال العلائي: والباعث عليه قصر الأمل ولهذا أشار إليه بقوله كزاد الراكب تشبيهًا للإنسان في الدنيا بحال المسافر.
وكان يربط الحجر على بطنه من الجوع:
(حديث أبي هريرة ﵁ الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي ﷺ كان يربط الحجر على بطنه من الغرث.
الغرث: الجوع
(حديث كعب بن عجرة ﵁ الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال أتيت النبي ﷺ فرأيته متغيرا؟ فقلت بأبي أنت ما لي أراك متغيرا قال ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث، قال فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له فسقيت له على كل دلو بتمرة فجمعت تمرا فأتيت به النبي ﷺ فقال من أين لك يا كعب فأخبرته فقال النبي ﷺ أتحبني يا كعب قلت بأبي أنت نعم، قال إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه وإنه سيصيبك بلاء فأعد له تجفافا، قال ففقده النبي ﷺ فقال ما فعل كعب قالوا مريض فخرج يمشي حتى دخل عليه فقال له أبشر يا كعب فقالت أمه هنيئا لك الجنة يا كعب فقال النبي ﷺ من هذه المتألية على الله ﷿ قلت هي أمي يا رسول الله، قال ما يدريك يا أم كعب لعل كعبا قال ما لا ينفعه ومنع ما لا يغنيه.
1 / 133