10
وجربه بالشعر فكانت كل قافية تشير إليها، وكان كل بيت يفتح أبوابه لينبعث منه نور جبينها الوضاح. ثم جربه بالنوم فكانت أطيافها تنتابه
11
في أشكال وصور تثير كامن الآلام، وتنكأ
12
هادئ الجروح.
وصل أبو فراس إلى حلب وقضى ليلة بين هم ويأس، حتى إذا بدا حاجب الشمس قام من فراشه مضنى متعبا حزينا، وطفق يحدث نفسه هامسا: إنها وشاية، إنها نميمة كاشح.
13
إن نجلاء أنبل وأكرم عرقا من أن تهجرني من غير ذنب. إن صداقتي لها أوغرت علي صدورا ملئت باللؤم، وطباعا خبيثة تعرف كيف تحسن الكيد: فمرة تجتمع شرذمة من شذاذ العرب لقتلي عند خروجي من دارها، ومرة يدخلون عليها بهذه الدسيسة الماكرة التي فرقت بيني وبينها. أين السبيل؟ وكيف أصل إليها بعد أن ظهر أن كل الناس يأتمرون بي؟ صوفيا؟ إني سمعتها تذكر نجلاء، وتثني على نجلاء. أتستطيع أن تعمل لي شيئا؟ ولم لا؟ إنها فتاة كريمة الخلق، رقيقة العاطفة. ولم لا أجرب؟ يا أسامة أعد جوادي. وركب أبو فراس حتى وصل إلى مصنع لوسيان فلاقته صوفيا في طلاقة وبشر، وأكثرت من الترحيب به، ثم قالت تداعبه: أظنك نسيت جميع دروسي. - لقد شغلني عنها درس لا أستطيع فهمه. - لن يصعب شيء على ذهنك الوقاد. - ربما استطعت أن أفهم كل شيء، ولكني أقر لك صادقا أنني عجزت عن فهم النساء. فضحكت صوفيا وقالت: ويحي على فارس الطعان، ومبيد الأقران، وفاتح العواصم والثغور، كيف تعجز عن فهم امرأة؟ - نعم يا صوفيا، إن أمري عجب، فهل لديك من معونة؟
وقص عليها أبو فراس أمره من بداءته إلى نهايته، حتى إذا أتم قصته قامت وشرعت تلتف بلفاعها، وهي تقول: سأكون رسولك إليها الساعة. انتظرني هنا. ثم انفلتت كأنها هبة النسيم، وبقي أبو فراس بين أمل يائس، ويأس آمل.
Halaman tidak diketahui