195

Faris Agha

فارس آغا

Genre-genre

وبعد قداس الأحد تشاور وجوه القرية على عادتهم، وفكروا بالخلاص من خوري مسرح بعد أن كبر شيطانه جدا وأمسى لا يطاق، وثاني يوم اجتمعوا في بيت خوري الضيعة وتداولوا في الأمر، واستعانوا برأيه الصائب؛ فقر الرأي على أن يلتمسوا من غبطة البطريرك إلياس الحويك عزل الخوري من وكالة الوقفية وإخراجه من عين كفاع.

وجاء دور كتابة العريضة، فتداعوا إلى كتابتها، وتعازموا مجاملة على طريقتهم عند أخذ القهوة، أو عند دخول البيت.

وضاق صدر الخوري المريض المزنوق،

2

فقال بنبرة: يا طنوس، خطك أحسن. وأنت معلم أكثر، القصد أن يفهم غبطته ما نريد، وأن يقرأ ما نكتب. اكتب يا طنوس.

ورضخ طنوس لأمر المحترم، وانقطع سيل تفضل، وتفضل حضرتك، ولا نتقدم عليك. فقال الخوري: ينص تلك العريضة:

لمقام صاحب السدة الرسولية، راعي الرعاة، المغبوط سيدنا وأبينا مار إلياس بطرس الحويك، بطرك أنطاكية وسائر المشرق الكلي القداسة والطوبى أيده الله.

قدس الأب الأقدس.

غب لثم ثرى مواطئ أقدامكم الطاهرة والتماس بركتكم الرسولية نعرض نحن أولادكم أهالي عين كفاع:

تعددت شكاوينا من الخوري يوسف بطرس مسرح، وكيل وقفية سيدة البياض، في قريتنا عين كفاع. فلما ضاقت قرية مسرح عليه، ولم يحتمله أقاربه فيها، رحل عنها وأقام عندنا لسوء حظنا. وها قد مضى عليه أكثر من ستين سنة، ولا شغل له إلا كتابة العرائض وتقديمها للحكومة، ثم تمييز الدعاوى إلى إسطنبول لتتعقبا الحكومة وتطاردنا بدعاوى كاذبة لا نهاية لها. فإذا لم يصبحه الناس شكاهم، وإن رفعوا صوتهم بالسلام عليه اتهمهم بالهجوم عليه، وأحيانا بضربه. وها قد مضت أعوام وأعوام، وهذه الحية الرقطاء لا تخرج من هذا الوكر، إلا لتنفخ وتبخ سمها، ثم تعود إليه وتتلذذ برؤية ضحاياها.

Halaman tidak diketahui