Farah Antun: Kehidupannya – Karya-karyanya – Petikan dari Karya-karyanya
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Genre-genre
ولا يقدح في فضل الخيام أن يوجد في معلوماته الرياضية والفلكية أغلاط كثيرة، فإن العلم كالطفل ينمو ويشب شيئا فشيئا. ولقد مر على الخيام سبعة قرون ونصف قرن والعلم لم يشب عن طوق الصبا بعد، مع جميع ما وجدوه حديثا من الأصول الجديدة؛ لأنه - كما قال تولستوي في رده على أهل العلم الذين يتكبرون بعلمهم الناقص - متى صار العلم علما حقيقيا لم يبق لديه شيء مجهول. وإذا كان الله قد قدر للإنسان هذه السعادة والكمال في الأرض، فذلك لا يكون إلا بعد ألوف وعشرات ألوف من السنين. (3) فلسفته وشعره
لا نقصد بقولنا فلسفته إنه كان للخيام مذهب فلسفي خاص به، ولكنا نقصد بذلك رأيه في الواجب والوجود والحياة والآداب والحكمة وما وراء الطبيعة. وهذا بمثابة قولنا إنه لم يكن فيلسوفا، بل مفكرا وباحثا؛ لأن الفيلسوف لا يدعى فيلسوفا إلا إذا كان له في تلك الأمور مذهب فلسفي خاص به، وهنا نصل في ترجمة الخيام إلى آرائه الدينية.
يظهر أن الخيام لم يستطع أن يضع لعقله شكيمة تشكمه، وحدا يقف عنده؛ ولذلك كان بينه وبين رجال الدين في حياته نزاع شديد. وكان الصوفية أشدهم اضطهادا له؛ لأنه كان يتهكم على تقشفهم وزهدهم في الدنيا تهكما جارحا، وكل ديوانه الفارسي رباعيات الخيام مداره على الغزل ووصف الخمر وصفا غريبا مهيجا، والاستهزاء بالزهد والقناعة والدين ورجاله. وأحيانا يجترئ على الألوهية نفسها. وإليك بعض الأمثلة من رباعياته، قال ما ترجمته:
سمعت في الفجر صوتا يصيح: إلي إلي يا أهل الشراب والسرور. يا أيها الفتيان المجانين، انهضوا واملئوا كأسا أخرى من الخمر قبل أن يملأ القدر كأس حياتكم.
ومنها: يا رفاقي الأحرار، إذا مت فاغسلوني بخمر حمراء مشرقة، ولا تدفنوني إلا في ظل كرمة.
ومنها: أصبحت شاردا عن الدين كدرويش، قبيح المنظر كالبغي، ولم يبق لي دين ولا مال ولا أمل في جنة.
فلا ريب أن قارئ هذه السطور يظن أن صاحبها سكير معتوه يهذي بها في إبان نشوته، ولكنه في موضع آخر يسمعه يقول راجعا إلى الله رجوع الضال إلى الصراط المستقيم: ليست هياكل الأصنام والكعبة سوى أماكن للعبادة، وما أصوات الأجراس إلا تسبيح بحمد القادر على كل شيء. وكذلك محراب الجامع والكنيسة والهيكل والصليب، كلها ليست في الحقيقة إلا أشكالا مختلفة لحمد الله وعبادته.
فهذا القول ليس بقول رجل سكير معتوه يهذي، بل هو قول رجل حكيم طار بأجنحة الحكمة إلى ما فوق عادات البشر وتقاليدهم. ومن العجيب أن يلتقي الخيام في هذا الموضوع بالإمام المشهور العارف بالله الشيخ محيي الدين بن العربي الذي يقول من قصيدة:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
Halaman tidak diketahui