Farah Antun: Kehidupannya – Karya-karyanya – Petikan dari Karya-karyanya
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Genre-genre
أما فساده فظاهر من أن الرجل هو المتسلط شرعا على المرأة في كل البلدان وجميع الأديان، لا المرأة على الرجل، وأما صحته فظاهرة من أن المرأة هي المتسلطة أدبيا واجتماعيا على الرجل، لا الرجل على المرأة.
ويكفي لإثبات ذلك أن ننظر إلى أدوار عمر المرأة وتأثيرها في كل منها.
المرأة تكون ابنة، ثم خطيبة، فزوجة، فأما، فجدة.
خمسة أدوار جميلة تتقلب فيها بين طهارة الصبوة، وجمال الشباب، ووقار الشيخوخة، وهي في كل منها متسلطة على قلب الإنسان وحاكمة عليه.
فإنها أول ما تولد يأخذ أبوها بالتفكير والتدبير استعدادا لزيادة رزقه على نسبة زيادة نفقته؛ لأن «المدموازل» إذا كانت اليوم صغيرة، فإنها ستصبح غدا كبيرة، غدا تحتاج إلى الحلل الجميلة، وتطلب القبعات النفيسة. وبعد ذلك يأتي «النصيب»، فيطلب المال فوق الجمال والكمال، وكل ذلك يزيد النفقة. ومعلوم أن توقع زيادة النفقة يزيد اجتهاد الإنسان ونشاطه في الكسب والتحصيل؛ فالابنة إذا تجلب لوالديها يوم ولادتها نشاطا جديدا واجتهادا جديدا يوجبان عليهما أن يفرحا بولادتها لا أن يحزنا، كما يحدث أحيانا عندنا؛ فهي إذا من صغرها تبدأ بالتأثير والتسلط على ما حولها، فما أعظم هذه القوة التي تتسلط حتى في بدء طفوليتها!
ثم ينقضي دور الصبوة بطيشه ونزقه، ويأتي دور الشباب بجماله وكماله، ومن هنا يبدأ التأثير العظيم الذي يفوق كل تأثير في الوجود، والسلطة الكبرى التي تفوق كل سلطة في العالم.
كانت تلك الفتاة أمس ولدا في المدرسة تلعب وتثب غير مكترثة بشيء من هذه الحياة، همها مقصور على رضى أمها ومعلمتها، ودرس مثالتها، وإشباع معدتها، ومداعبة لعبتها، ولكنها اليوم أخذت تهدأ شيئا فشيئا. هو ذا الورد أخذ يتفتح في الخدود، والعيون أخذت تذبل وتتجلل بثوب من البهاء جديد، والنظر صار مطرقا، والفكر مبهوتا، والرأس محنيا كوردة أثقلها الندى، والوجنات شديدة التأثر، كلمة تفضضها وكلمة تعسجدها، فما هذا الانقلاب العجيب الذي حدث؟ لا شيء سوى أن «ملكة» الوجود قد بلغت سن الملك والسلطة. لقد قبلتها الطبيعة الجميلة في فمها القرمزي الجميل، وألبسها الحسن تاج الملك، ودفع إليها الشباب صولجان السيادة.
ثم مر الرجل فأبصر هذا السلطان فخضع صاغرا، خضع لأنه كتب له الخضوع كما كتب لها السيادة، فأصبح همه مقصورا على رضى حاكمته؛ ما يرضيها؟ وأي شيء يسرها؟ هل ترضيها الحلى والحلل؟ والخيل والخول؟ والمراقص والمتنزهات؟ هيا إذا وأنفق المال بلا حساب. أيرضيها المزاح الكثير؟ فاجعل نفسك مزاحا، أو المقامرة الكبيرة؟ فاجعل نفسك مقامرا كبيرا، أو الأدب والحشمة والاعتدال؟ فاجعل نفسك أديبا ومحتشما ومعتدلا، كل ذلك إكراما لعيونها؛ لأنه لا يهمك وقتئذ شيء في هذه الحياة إلا رضاها.
ثم إن هذه الفتاة الخطيبة تصبح زوجتك؛ أي إنك توليها على شرفك وبيتك ومالك، فيكون القول قولها، والأمر في كل ذلك لها، ثم تصبح أما؛ أي إن الطبيعة تهبكما ثمرة حبكما واتفاقكما ، وتوليها على مخلوق لطيف لتربيته، فتكون هي القابضة على مستقبل ولدك وعيلتك، ثم إن هذه الأم يشب أولادها، فتبقى بإزائهم سيدة عليهم، ثم يتزوجون فتبقى مراقبة عليهم وعلى أولادهم، كأنها رمز إلى الماضي والمستقبل، وبركة للبيت الذي يعيشون فيه.
فالآن قولوا لنا: هذه الفتاة التي لها السلطة المطلقة على الرجل وهو شاب خطيب، تتصرف به كيفما تشاء، وتجعله يصنع ما تشاء. هذه الفتاة التي تقبض على زمامه أراد أو لم يرد حينما يصبح زوجا لها، وتزداد سلطة عليه حينما تصير أما ويصير أبا. هذه الفتاة التي نسلمها شرفنا وقلبنا ومنزلنا، والتي تسلمها الطبيعة النسل لتربيه لنا. هذه الفتاة التي يكون لها تأثير عظيم كهذا التأثير، وسلطان قوي كهذا السلطان، أية تربية ربيناها لتحسن القيام بكل تلك الواجبات الصعبة؟ سلمناها شرفنا وشرفها وشرف العائلة، فهل أعطيناها السلاح لتدافع به عنها؟ سلمناها البيت وما فيه ومن فيه، فهل ربيناها التربية اللازمة لتحسن الاعتناء به والقيام عليه؟ جعلتها الطبيعة سيدة الوجود، وريحانة الكون، فهل علمناها كيف تستعمل سيادتها لتفضي بنا إلى الخير بدل أن تفضي إلى الشر؟
Halaman tidak diketahui