ويسمونه الآن «الواقع النهائي»
ultimate reality ؟ هل أكون خياليا تماما إذا اقترحت ما اعتقده نفر من أعمق المفكرين من أن دلالة الشيء في ذاته هي دلالة «الواقع»
Reality ؟ هل من المحتمل أن يكون جواب سؤالي «لماذا نطرب كل هذا الطرب لتجمعات معينة من الخطوط والألوان» هو «لأن بقدرة الفنانين أن يعبروا بتجمعات الخطوط والألوان عن انفعال نحو الواقع يكشف عن نفسه من خلال الخط واللون»؟
إذا حظي هذا الاقتراح بالقبول فقد يترتب عليه أن «الشكل الدال» هو الشكل الذي نظفر من ورائه بحس بالواقع النهائي، وقد يكون لدينا مبرر لافتراض أن الانفعالات التي يحسها الفنانون في لحظات إلهامهم، والانفعالات التي يحسها الآخرون في اللحظات النادرة التي ينظرون فيها الأشياء نظرة فنية، والانفعالات التي يحسها كثير منا عندما يتأملون الأعمال الفنية، هي جميعا من نفس الصنف؛ فقد تكون جميعا انفعالات نحو واقع يكشف عن نفسه من خلال الشكل الخالص، من المتيقن أن هذا الانفعال لا يمكن التعبير عنه إلا في شكل خالص، ومن المتيقن أن معظمنا لا يمكن أن يبلغ إليه إلا من خلال شكل خالص، ولكل هل الشكل الخالص هو الطريق الوحيد الذي يمكن لأي شخص من خلاله أن يصل إلى هذا الانفعال السري؟ ذاك سؤال مربك ومرير للغاية؛ لأني ظننت عند هذه النقطة أني أبصرت طريقي إلى إلغاء كلمة «واقع»، والقول بأنها جميعا انفعالات محسة نحو شكل خالص قد يكون وراءه شيء ما وقد لا يكون، إنه ليرضيني كل الرضا أن أقول بأن السبب الذي يجعل بعض الأشكال تحركنا إستطيقيا وبعضها لا، هو أن بعضها قد تمت تنقيته بما يكفي؛ لأن نشعر به إستطيقيا، وأن البعض الآخر متخثر بالمادة غير الإستطيقية (كالارتباطات) بحيث يحتاج إلى حساسية فنان لكي يدرك دلالته الشكلية الخالصة. لقد كان يرضيني كل الرضا أن أعتقد بأن كل شخص لا بد أن يبلغ إلى الواقع عن طريق الشكل مثلما أن كل شخص لا بد أن يعبر عن حسه بالواقع في شكل، ولكن هل هذا صحيح؟ فأي صنف من الشكل ذاك الذي يستقي منه الموسيقي الانفعال الذي يعبر عنه في تآلفات هارمونية مجردة؟ ومن أين تأتي انفعالات المعماري والخزاف؟ إنني أعرف أن انفعالاتي الإستطيقية لا يمكن أن تنشط من عقالها إلا بواسطة شكل، ولكن هل يمكنني أن أجزم بأن انفعال الفنان لا يثيره دائما إلا شكل؟ عود إلى الواقع مرة أخرى.
إن الذين يميلون إلى الاعتقاد بأن انفعال الفنان هو شعور نحو الواقع سوف يسلمون عن طيب خاطر بأن الفنانين البصريين الذين لا يعنينا سواهم - يبلغون الواقع بصفة عامة من خلال الشكل المادي، ولكن ألا يبلغونه أحيانا من خلال شكل متخيل؟ ألا ينبغي علينا أن نضيف أننا نجهل أحيانا من أين يأتي حس الواقع؟ لعل أبلغ وصف أعرفه لهذه الحالة من الطرب بحس باطني بالواقع هو الوصف الذي قدمه دانتي
Dante
في أبياته التالية:
أيها الخيال، يا من تنتشلنا بعض حين من
العالم الذي حولنا، حتى إننا لا نعود نسمع له ركزا
وإن تكن ألف من الطبل تقرع حولنا •••
Halaman tidak diketahui