40

Seni Hidup

فن الحياة

Genre-genre

وإذا عشنا في حاضرنا، ومارسنا اهتماماته وهمومه، وتمتعنا بمتعه، فإننا بهذا السلوك نفسه نجدنا قد استعددنا للمستقبل؛ فالرجل الذي تعود - مثلا - القراءة واقتناء الكتب، ومداومة القراءة للجريدة والمجلة، إنما يتمتع بكل هذه الممارسات، ولكنه زيادة على ذلك يتهيأ بها لشيخوخة يقظة بعيدة عن السأم والتبلد.

وكذلك الرجل الذي مارس عملا كاسبا، وانتفع بالتأمينات المألوفة يسير نحو المستقبل في طمأنينة.

أما إذا كانت الأيام حبلى بمفاجآت - كما رأينا في الأزمات الاقتصادية الماضية - فإن بصيرة العاقل وفزع المجنون وتقتير البخيل، كل هذا يستوي أمام تلك المفاجآت؛ أي جميعنا - عندئذ - سواء، وعندئذ ينتقل الاهتمام بالمستقبل من يد الفرد إلى يد الدولة.

ومن المألوف أن نجد شخصا يكد متعبا مهموما في اقتناء الثروة، وفي نفسه شوق إلى الاستمتاع؛ فهو يحلم بالبيت الذي سوف يبنيه، أو ببضعة الفدادين التي سوف يزرعها، ويجد فيها الاتصال بالطبيعة، أو هو يحلم بالسياحة في أوروبا، وقد يحلم أيضا باستمتاعات ثقافية مختلفة، ويضع في برنامجه شراء مكتبة تحوي آلاف المجلدات التي تنيره وتثقفه، ويفعل ذلك وهو في الثلاثين أو الأربعين، ويرصد كل وقته للجمع والاقتناء والإثراء.

ومثل هذا يجب أن نقول له: أنت مخطئ؛ لأنك حين تصل إلى سن الستين تكون العادات التي مارستها كل يوم من حياتك الماضية قد رسخت فيك، فلن تستطيع تغييرها.

ثم وأنت في الستين سوف تكون لك أذواق تختلف عما لك الآن وأنت في الثلاثين أو الأربعين.

ولذلك يجب أن تعيش في حاضرك، وتبدأ الآن في استمتاعاتك وتحقيق أحلامك، ولا تؤجل متعك إلى سنين قادمة ربما تموت أنت قبل بلوغها، أو ربما تموت كفاءتك للاستمتاع بها؛ إذ إن لكل سن متعها الخاصة، فمتع الشباب غير متع الكهولة، ومتع الكهولة غير متع الشيخوخة، ومتع الصبا غير متع الشباب.

النمو والتطور

عندما نتأمل رجلا جامدا رجعيا، وآخر متطورا ارتقائيا، نجد أن لكل منهما اتجاها قد عين مزاجا خاصا؛ فالأول في صميمه متشائم يخشى الدنيا، ويتوقع الكوارث، ولا ينتظر خيرا من أي تغيير، وهو لذلك متبلد يؤثر السكون على الحركة، في حين أن الثاني، ذلك المتطور الذي لا يبالي التغيير، متفائل بالدنيا، يؤمن بالارتقاء كأنه ديانته السياسية، وهو يدعو إلى نهضة ما في السياسة أو الاقتصاد، أو إلى تغيير في الأدب أو الاجتماع؛ ولذلك نستطيع، في معنى ما، أن نعد الجمود والرجعية مرضين ينشآن من الخوف.

وقد يكون المرجع والأساس لهذا الخوف، أن الرجعي قد أسيئت معاملته أيام طفولته، فأهين وضرب، أو عومل بالكراهة والقسوة حتى صار بعد ذلك يجد أن السلامة والطمأنينة لا تكونان إلا في استبقاء حالته؛ إذ هو على الدوام يتوقع أسوأ منها، وفي تجنب أي تغيير؛ إذ هو يوجس شرا مما هو فيه.

Halaman tidak diketahui