التشكيلات القتالية العشرة1
هناك عشرة أنواع من التشكيلات القتالية (وهي على التوالي:) التشكيل المربع، والدائري، والمتفرق، والمكثف، والتشكيل ذو الانتشار المخروطي، وتشكيل جماعة الإوز البري، والتشكيل المعقوف، والتضليلي ، والناري (المستخدم في إشعال الحرائق)، والمائي (تشكيلات القوات البحرية)، ولكل منها خصائصه ومزاياه، فالتشكيل المربع يعمل على تحطيم القوات المعادية بطريقة حاسمة (نظرا لما يتميز به من تركيز كل طاقات التوجيه في يد القائد الأعلى). أما التشكيل الدائري فيهدف، أساسا، إلى صد هجوم العدو، ويتميز التشكيل المتفرق، بدوره البارز في إلقاء الفزع في روع العدو وإثارة هواجسه ومخاوفه.
ويستخدم التشكيل المكثف بغرض قيام حائط دفاعي منيع ضد هجوم العدو، كما أن الميزة الكبرى للتشكيل المخروطي أنه على درجة من الصلابة بحيث يساعد على اختراق صفوف العدو على نحو يؤدي إلى تفتيت تماسكه وتقطيع أوصاله. أما تشكيل الإوز البري فهو الوسيلة المثلى لحرب الرماية [بالأقواس والأسهم]. وتشكيل المشجب المعقوف يصلح للتعامل مع كل الاحتمالات الطارئة، بما يلزمه من استعداد دائم للرد بمنتهى الحسم. ثم إن التشكيل التضليلي يهدف إلى إيقاع العدو في حيرة تامة، فيضطرب وتنغلق دونه مسالك الفهم والتقدير الصائب.
ومن المقرر أن استخدام التشكيل الناري يقصد به إشعال الحرائق في تحصينات العدو وتدمير أماكن تجمعاته ووحداته المرابطة، كما يستخدم التشكيل القتالي المائي لهدفين: أولهما: تقوية التحصينات الخاصة بقواتنا. وثانيهما: إغراق منشآت العدو الدفاعية ومواقعه.
ويتخذ التنظيم المعتاد في التشكيل المربع الأوضاع التالية: تقليل أعداد القوات داخل المربع، بينما تزيد على نحو ملحوظ في الجهات الأربعة، وتتمركز القوة الاحتياطية في المؤخرة؛ والسبب في تقليل قوات المنتصف يرجع إلى طبيعة مهامها التي تنحصر في رفع الروح المعنوية للمقاتلين بواسطة النداء التحريضي الإمداد المعنوي، في حين تزداد الكثافة العددية للقوات على الحدود الأربعة [كذا] لمواجهة العدو وتدميره، مع ملاحظة أن القوة الاحتياطية المتمركزة في المؤخرة (تظل في موقعها لحين الاستفادة منها حيث تتمتع بمرونة وسرعة حركة عالية) [هذه العبارة التي بين القوسين الهلاليين لم ترد إلا في نسخة واحدة فقط، بينما أهملتها باقي النسخ التي جمعتها للاستعانة بها في ترجمة النص].
كما أن التنظيم الفعلي للتشكيل الدائري يتمثل في ... [فراغ]، أما التشكيل المتفرق، فيمكن ملاحظة أوضاعه كالتالي: يتميز هذا التشكيل بحشد عدد قليل من القوات مع اهتمام بارز بمظاهر القوة القتالية، حيث يتعين على الحشد القليل من القوات رفع الشارات والأعلام والبيارق؛ بهدف تعظيم مظاهر التفوق وشعار القوة، ومن ثم تحرص القوات، في هذا التشكيل، على توسيع المسافات بين صفوفها، إذ تتخللها أعلام وبيارق مختلفة الشارات والهيئات والألوان، وقد برزت على حوافها وبشكل ظاهر للعيان، صفوف متراصة من الرماح والسيوف المشرعة، بنصالها اللامعة وحدودها القاطعة. (واعلم أنه ...) من الضروري أن تملك القوات المتفرقة (المتناثرة، قليلة العدد من الجند) القدرة على التجمع السريع (لئلا تخترقها القوات المعادية)، وأن تكون القوات المحتشدة (المتجمعة) قادرة على التمدد والانتشار بمرونة (حتى تتفادى محاولات تطويق العدو لها)، فإذا عجزت القوات عن التجمع السريع أو الانتشار المرن، صار من الضروري الانتباه إلى الأسباب الكامنة واتخاذ الحيطة والحذر.
لا ينبغي للمركبات أن تتجاوز السرعة المتوسطة، ولا للمشاة أن يهرولوا؛ فالأساس في التشكيل المتفرق هو العمل على تقسيم القوة القتالية إلى جماعات مقاتلة ذات مرونة في التقدم أو الانسحاب، هجوما أو دفاعا، وسواء في الالتحام مع العدو لانتزاع مواقعه [كذا] أو في التصدي لفلوله المنهكة ووحداته المتهاوية، فتلك هي الوسيلة التي تتمكن بها التشكيلات المتفرقة من تحقيق النصر على قوات معادية فائقة التسلح شديدة البأس والقوة. وطريقة توزيع التشكيل المكثف تجري على النحو التالي: تتقلص الفواصل البينية، ويلتئم حشد القوات بكثافة ملحوظة، وهناك يصبح من اللازم أن تشرع القوات الأمامية (الطليعة) سيوفها المجردة على أن تكون نصالها بمواجهة العدو، وتحتفظ في الوقت نفسه بالتنسيق المتبادل بينها وبين قوات المؤخرة [فراغ] إذا استولى الخوف على الجنود، فلا بد أن ترابط القوات فوق أرضها مع التشبث بها، على أن يذاع شفويا [فراغ]، مع الحرص على تجنب: (1) مطاردة قوات العدو المنسحبة. (2) ملاقاة قواته المهاجمة، بل يجب النظر بعين الاعتبار إلى مهاجمة قواته الملتفة على الأجناب، أو أن توجه إلى طلائعه ضربة تحطم بها إرادته وتنال من كبريائه.
ولا بد أن تحتشد القوات بكثافة ودرجة تجمع عالية، يصعب معها إيجاد ثغرة للنفاذ منها، بحيث يتم صد القوات المعادية وردها على أعقابها كما لو كانت قد لاقت في طريقها جبلا منيعا [كذا، حرفيا]، فذلك هو التشكيل الذي لا يقهر ولا يجد العدو إلى مهاجمته سبيلا. والتشكيل المخروطي أكثر شبها بالسيف القاطع، فإذا لم تكن طليعة هذا التشكيل صلبة ماضية كحد السيف، فلن تقدر على التغلغل وسط العدو، وإذا لم تكن أجنابها قوية قاطعة (كحد السيف) فلن تضرب في كتلة العدو (وتشطره نصفين). ولا يمكن للقوات أن تقوم بتنظيم هذا التشكيل مالم تكن على درجة فائقة من القوة (بالدرجة التي تتماثل فيها قوتها الضاربة مع سيف ذرب)، فمن ثم كان من الضروري أن تتميز طليعة التشكيل بالقوة الماضية وأن تكون الأجناب على أهبة الاستعداد، متحفزة وثابة، بحيث يتوافر لكل عناصر التشكيل قدر هائل من الطاقة القتالية. فذلك هو السبيل الذي يتمكن به التشكيل المخروطي من اختراق العدو وتقطيع أوصاله.
أما ذلك التشكيل الذي يشبه الإوز البري الطائر، [فراغ] الاستخدام على غرار تشكيل مجموعة إوز طائر، بحيث تكون طليعة التشكيل أشبه شيء بجناحي نسر عظيم، مفرودين باتساعهما، وتنقضان على أجناب العدو، ثم تبادر المؤخرة بالوثوب على قوات العدو [حرفيا: تقفز من الخلف إلى الأمام، كما يثب القط الوحشي] وثبة الافتراس، فتنقض على العدو سريعا، دون أن تمهله، [فراغ] من ثلاث جهات فلا يجد مخرجا؛ إذ تضيق عليه الدائرة، فتأمل ذلك.
والنظام الذي يقوم عليه تشكيل المشجب المعقوف يمكن ملاحظته على الوجه التالي: تتخذ الطليعة وضع التشكيل المربع، في حين تكون الأجناب على هيئة مشجب معقوف وتحرص القيادة على استخدام بعض الأدوات كوسائط لإبلاغ الأوامر، مثل: الصنوج، والطبول، والأجراس. كما ينبغي أن تتوافر لها أعداد هائلة من البيارق والأعلام والشارات مختلفة الألوان والأشكال، ويكون لزاما على أفراد التشكيل التعرف على الموسيقى المميزة لوحدته وأعلامها وشاراتها، وهنالك يتيسر للقائد - أيا كان موقعه، سواء في الطليعة أو المؤخرة - إصدار أوامره إلى آذان صاغية، [فراغ].
Halaman tidak diketahui