بل إن ما ابتكره كل من الإمبراطور «طانغ» [أسرة «شانغ» 1600-1100ق.م.] والملك «أو» [تنطق كما في «أوبرا»] من الرماح والحراب ذات المقابض، فيشير، رمزيا، إلى معنى السلطة السيادية. وهذه النقاط الأربع توضح أسس وقواعد العلوم العسكرية، لكن يثور، هنا، التساؤل حول السبب الذي دعاني إلى تشبيه السيوف بالتشكيل القتالي (وأجيب قائلا) بأن حقيقة الأمر تتمثل في أن السيوف دائما ما تكون لصيقة بأجساد المحاربين دون حتى أن يكونوا مشتبكين في قتال، وهو ما ينطبق تماما مع مسألة توزيع القوات والتشكيلات إلى وحدات دون اندلاع قتال، فمن ثم قام وجه الشبه بين الموضوع ودلالته.
إن سيفا رديئا منثلم النصل، لن يجدي [فراغ] حتى لو تقلده البطل «منغ بن»، وكذلك فإن تشكيلا مقاتلا بغير طليعة وقائد باسل (مثل القائد المشهور بالشجاعة، ذلك الملقب ب «منغ بن») لن يجسر على اقتحام صفوف العدو ودحر قواته، مما يفهم منه بوضوح أن أي قائد يقوم على رأس مثل هذه القوات، لا يمكن أن يكون على دراية بفنون الحرب، ثم إن سيفا بغير مقبض، لن يصلح [فراغ] حتى لو تقلده أمهر المقاتلين. وبالمثل، فإن رجلا يتولى قيادة جيش بغير مؤخرة وبغير أفراد مؤهلين للقتال، لا يمكن أن يكون مدركا لبديهيات أصول الحرب.
فمن هنا أقول إن تشكيلا مقاتلا ذا طليعة ومؤخرة يتناوبان التنسيق على نحو سليم، بما يشيع الثبات والصلابة في القوات، لا بد أن يهزم العدو ويدمر فلوله ويجبرها على الهرب. أما إذا لم يكن هناك طليعة ولا مؤخرة للقوات، ف [فراغ] وهو ما يخالف المبادئ العسكرية.
لكن كيف يمكن فهم الصلة بين الرماية والقوة العسكرية الضاربة؟ ألا ترى أن سهما منطلقا من بين رأس الكتف والصدر يمكن أن يصيب العدو على حين غرة، ولو على مبعدة مائة قدم، ومهما حاول العدو تحديد موقع الضرب ومكان الرامي، فلا يهتدي إلى شيء. بل كيف يمكن فهم وجه الشبه بين العربات والقوارب البحرية، والتكيف مع الحالات الطارئة؟ [فراغ] وعلى أي أساس تقوم المقابلة بين الرماح المشرعة وبين سلطة الأوامر الحازمة في ميدان القتال؟ (فاعلم أن أساس هذه المقابلة يتضح في ...) قدرة هذه الرماح على تكبيد العدو خسائر فادحة، سواء أكان المقاتل قاعدا على الأرض أم واقفا [فراغ]. فهي تصيب من العدو مقتلا؛ إذ تطيح برءوس أفراده أو تنشب في أجسادهم مباشرة، أيا كانت مواقع إطلاقها أو هيئة الضارب بها، وعلى أي مسافة؛ فلذلك صارت أقرب شبها ، في مزاياها، بما تتحلى به سلطة القيادة الحازمة وسط ميدان القتال. ومن ثم يتضح أن تلك النقاط الأربع [فراغ] الأساس الضروري الذي يتحتم الالتزام به لفهم فن استخدام القوات، ذلك أن من يتقن هذا الفن، فلا بد أنه سيحرز النصر المظفر الذي يذيع في الممالك شهرة جلالة الملك، أما من أهمل شأن تلك الأسس، فلن يخلد مأثرة أو يحرز إنجازا ذا قيمة. وتتلخص أسس استخدام القوات في أربعة، هي: تشكيل القوات، والقوة الضاربة [يمكن ترجمتها، حسب المفهوم الوارد في الهوامش إلى «التفوق الاستراتيجي»]، والمرونة مع الأحداث الطارئة، والسلطة الميدانية الحازمة، فمن أدرك أهميتها كانت له الغلبة على أعدائه، فأثخن في صفوفهم، ووقعت في قبضته رءوس المبرزين من مهاجميه [فراغ]. فالقوة الضاربة [... التفوق الاستراتيجي، في معنى ما ...] هو مباغتة العدو ومهاجمته، دون أن يتخذ للقتال أهبته [فراغ]، حيث يبدو في أعين الرائي قريبا، في حين أن إصابة الهدف أبعد ما يمكن تحقيقه.
أما المعنى المقصود من «السلطة التي تملك زمام المبادرة في ميدان القتال، فيقصد بها كيفية قيادة القوات باستخدام الرايات في الصباح، والطبول في الليل الدامس، فتلك الموضوعات الأربعة تمثل التطبيق المادي الملموس [للأسس الأربعة سالفة الذكر] أثناء القتال، وبرغم أن الجميع يعرفونها ويطبقونها في ميادين القتال، فإن (كثيرين لم يستطيعوا) فهم المغزى الكامن فيها على نحو تام ونهائي.» *** [حاشية] ... [فراغ]، فمن عمل بتلك النقاط الأربع فاز، ومن أهملها وتغاضى عنها، هلك [فراغ].
الفصل العاشر
قيادة القوات1
قال سونبين: إذا أردنا أن نفهم الطريقة التي تستخدم بها القوات وتدار بها الجيوش، فلنا أن نشبه الأمر بالأقواس والسهام. [ومثلا، فالتشبيه الممكن في هذا الإطار هو إننا يمكن أن نرى ...] الجندي أقرب شبها بالسهم، والقوس أشبه ما يكون بالقائد، أما الرامي فلربما كان، في كل الأحوال، شبيها بالإمبراطور الأعظم؛ فالسهم ذو رأس معدني وذيل مصنوع من ريش الطيور، فمن ثم تميز بالنفاذ والسرعة، ولما كانت مقدمة السهم أثقل من مؤخرته، فقد صار أطوع لمشيئة الرامي، أينما سدد به، انطلق سريعا. (لكن) الطريقة التي تدار بها الجيوش، كما تبدو لي، تجعل مركز الثقل في المؤخرة، فتعكس منطق الأمور، وهو ما من شأنه - عند إعداد التشكيلات القتالية - أن يصم آذان الجنود عن طاعة الأوامر الصادرة لهم، على نحو تبدو فيه الفائدة ضئيلة من مراقبة أحوال السهام [فتضيع فرصة تأمل وجه الشبه، وتنعدم الاستفادة بوجه من العلم في هذا المجال].
وما أشبه القوس بالقائد [كذا]، فإذا كانت ذراع القوس معوجة بما يؤثر على انحناء سهمها، اختلف مقدار القوة بين طرفيها، بما يحول دون تسديد الرمي مهما كانت قوة رأس السهم المندفعة نحو الهدف [فراغ]، حيث يصعب على القادة التفاهم فيما بينهم، ويفتقدون إلى التنسيق المشترك [فراغ]، ثم إنه يستحيل إحراز النصر، وقد يكون السهم سليما متناسب القوة والمتانة [... مقدمته أثقل من مؤخرته، حسب ما ورد من توضيح في الهامش]، معتدل شدة الجذب بين طرفيه، دون أن يكون الرامي نفسه مؤهلا، بدرجة جيدة لاستخدامه، فتضيع الرمية ويطيش التسديد، وهكذا فإن جيشا تم توزيع تشكيلاته على نحو متناسب، بين مقدمته ومؤخرته، بينما كانت قيادته [فراغ]، فلن ينال النصر؛ فلذلك قيل إنه لا بد من توافر الشروط الأربعة المذكورة؛ حتى ينطلق السهم ويصيب المرمى. فهذا هو السبيل الذي تحرز به الجيوش انتصارها [فراغ] فالقائد والجندي [والإمبراطور، ثلاثتهم، ينبغي أن يقوم بينهم التنسيق والتفاهم الجيد] وهو ما يدعو إلى القول بإنه ليس ثمة فرق كبير بين الطريقة المناسبة لتحريك القوات نحو قتال تحرز فيه النصر، وبين إطلاق رمية سهم تصيب الهدف؛ فهذه مسألة تشير، بشكل مباشر وبسيط، إلى كيفية إدارة الجيوش واستخدام القوات.
الفصل الحادي عشر
Halaman tidak diketahui