ومع كثرةِ هذه المصنّفات وغزارةِ هذه المؤلفات، فليسَ لكلَّ واحدٍ منها نظيرٌ، وحقُّه أنْ يُرقم على السّندس بالنضير. فإنَّه ﵀ انتخبَها بالعلوم القرآنية والتّفْسِيرية والأحاديثِ القَوْلية والفعلية، والقواعد الإِسلامية، والعقائد الإِيمانية واللطائف العِرْفانية، والمعارف الربّانية، والعلوم الأصلية والفَرُعية والدِّينيّة والشرعيَّة والعقليّة والنَقْليّة والعلميَّة والعمليَّة والطبَّيّة والرُّوحانيَّة والجثمانيَّة والأدبيَّة والإِنشائيّة والنثريَّة والشعريَّة واللغويَّة والاصطلاحيَّة. ونشرَ فيها ما كان مطويًّا من الكنوز الخفيَّة، وأتى فيها بغرائبِ الألفاظ السنيّة، وعجائبِ المعاني المرضيّة.
مؤلَّفات السيوطي:
انفردَ في عصره بغزارةِ العلم ومدِّ الباع، وكثرةِ الحفْظِ وسَعَةِ الاطِّلاع، واستحضار كل تصنيف صنَّفه بينَ عينيه، وكذا كلِّ علمٍ سُئل عنه، ساعةَ وروده عليه، فسبحان مَنْ منحه ومَنَّ عليه، فإنَّ العمرَ يقصر عن إدراك ما وصَل إليه، فقد كان ﵀ يصنِّف في اليوم الواحد ثلاثَ كراريس ويكتبها بخطِّه الكريم النفيس. وكانَ يُمْلي عليّ من تصنيفه وهو يُطالع الكتبَ وهي منشورة بين يديه، ويأتي بغرائبَ وعجائب من عِنْديّاته يصدّرها بقلتُ، وأنا مسبوقٌ معه في الكتابة لا ألحقُه ولا أصِلُ إليه.
وكان ﵀ كثيرَ النقْلِ حسنَ التصريف مداوِمًا على المطالعة والتصنيف، عارِفًا بآداب التأليف يؤدي الأمانة، ويعزُو كل قولٍ لقائله، ويخرجُ عن عُهْدة كل نقلٍ بنسبته إلى ناقله.
وكان مفيدَ العلوم ومبيدَ الهموم وكاشفَ الغُمة عمَّا أشكل من المنطوق والمفهوم، ما تزلزل في جواب أجاب به قط ولا رجع عنه، ولا إلى غيره تحوّل. وكان يقول: ما أجبتُ بجوابٍ إلَّا وأعددتُ له جوابًا بين يدي الله
1 / 14