Falsafah Sejarah Menurut Vico

Catiyyat Abu Sucud d. 1450 AH
35

Falsafah Sejarah Menurut Vico

فلسفة التاريخ عند فيكو

Genre-genre

Historicism

1

التي يعد فيكو أحد روادها، كما تعد العبارة - التي أشرنا إليها - بداية دفاع فيكو عن المنهج التأليفي أو البنائي وبداية هجومه على المنهج التحليلي الرياضي عند ديكارت وأتباعه وعلى الأفكار الفطرية الديكارتية التي انتقدها وذهب إلى أنها لا تكون معرفتنا الحقيقية مهما كانت واضحة ومتميزة، كما أشرنا في الفصل الأول من الباب الأول من هذا البحث. وتوضح هذه العبارة أيضا أننا لا نفهم فكرة إلا إذا صنعناها بأنفسنا؛ ومن ثم لا يفهم البشر تاريخهم إلا لأنهم هم صانعوه، أما الطبيعة فيعرفها الله وحده معرفة كاملة لأنه هو الذي خلقها.

من هنا نشأت فكرة قانون التطور الذي كان في البداية قانونا للتطور النفسي في العملية التربوية، ثم اختمر في ذهن فيكو فأصبح قانونا لتطور الأمم بعد أن نمت هذه البذور الأولى وتفتحت في شكل نظرية متكاملة للمعرفة قدمها في كتابه «الحكمة الإيطالية القديمة» عام 1710م، وأشار لها في الفصلين الأول والثالث من هذا الكتاب الذي عبر فيه عن نزعته الإنسانية. ولا عجب في هذا فهو فيلسوف التاريخ الإنساني الذي لم يصنعه الإنسان بعقله وحده بل بقلبه وحسه وعاطفته وعمله وواقعه البشري المتفرد المعقد.

2

وقد ظهرت فكرة العلم الجديد لأول مرة في أحد فصول مؤلف فيكو «القانون العالمي» تحت اسم «محاولة عن العلم الجديد» وهو الذي صدر الجزء الأول منه عام 1720م كما أشرنا من قبل في الفصل الأول من الباب الأول لهذا البحث، وأخيرا ظهر العلم الجديد في طبعته الأولى 1725م وأفرد فيكو الكتاب الرابع منه لقانون التطور وهو ما سنعرض له الآن. اعتمد فيكو في هذا الجزء على القانون الروماني اعتمادا كبيرا وكتب باستفاضة في هذا الشأن (فقد كان يشغل منصب أستاذ للقانون الروماني بجامعة نابولي كما أشرنا من قبل)، ووصل اهتمامه بالقانون إلى حد القول بأن الفلسفة نشأت عن القانون بصفة عامة، على نحو ما سنرى في سياق هذا الفصل الذي سيكشف لنا أيضا كيف سبق فيكو بعض فلاسفة التاريخ وعلماء الاجتماع في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ومنهم على سبيل المثال أوجست كونت في قانونه المعروف عن تطور الشعوب (قانون الأحوال الثلاثة) وكيف مهد له.

انتهى فيكو من دراسته للحضارات القديمة - وخاصة اليونانية والرومانية وبعض الحضارات الشرقية - إلى قانون يحكم تطور الشعوب؛ فالأمم في تطورها تتقدم وترتقي من الهمجية إلى الأديان، ثم تنتقل إلى الخضوع للقوانين والحكومات، حتى تصل إلى مرحلة التعامل الإنساني في حياة اجتماعية منظمة. وكل الشعوب تمر بالتاريخ المثالي الأبدي في نشأتها وتطورها ونضجها ثم تدهورها وسقوطها.

هذه الدورة التاريخية التي تمر بها كل أمة تتعاقب في مراحل ثلاث، وهذه المراحل الثلاث هي القانون الذي انتهى إليه فيكو واستقاه من التاريخ المصري القديم كما اعترف بذلك في أكثر من موضع؛ بل إنه اعتبر هذا القانون - الذي وضعه المصريون لشرح تاريخ العالم قبلهم - بديهية من بديهيات العقل التي يجب التسليم بها منذ البداية، فكانت المسلمة رقم 28 ومجمل هذه المسلمة أن تاريخ البشرية يمر بثلاث مراحل رئيسية هي المرحلة الإلهية، والمرحلة البطولية ثم المرحلة البشرية.

فالمرحلة الإلهية تتصف بالتأليه واعتبار كل ما في العالم ملكا للآلهة، والحكومة نفسها إلهية لها إرادة آمرة ناهية، وهي تختار من يمثلها على الأرض وكان الحكم الاستبدادي فيها بيد الكهنة الذين يمثلون رجال الدين ويدعون أنهم يحكمون بمقتضى قوانين إلهية يتلقونها عن طريق النبوءات والتكهنات، وفي هذا العصر الإلهي سيطرت الخرافة والأساطير على الفكر، وساد الخوف الذي كان الدافع الأول للإنسان لتصوره للآلهة عن طريق المخيلة، وكانت اللغة في هذا العصر لغة رمزية سرية كاللغة الهيروغليفية.

أما المرحلة البطولية فهي مرحلة أنصاف الآلهة من البشر الذين يزعمون أنهم ينحدرون من أصل إلهي لينظر إليهم نظرة التقديس والتأليه. وقد سمي عصرهم بعصر الأبطال، وكان هؤلاء الأبطال هم آباء الأسر الذين لهم الحق المطلق على أفراد أسرهم كحق الحياة والموت وحق البيع والشراء. وقد خطت البشرية في هذا العصر البطولي خطوة إلى الأمام فتحررت من استعباد الآلهة وانتقلت إلى استعباد الإنسان لغيره من بني جنسه. أما اللغة فكانت لغة شعرية تتغنى بالبطولة والشجاعة التي اتسم بها العصر كله.

Halaman tidak diketahui