Falsafah Sejarah Menurut Vico
فلسفة التاريخ عند فيكو
Genre-genre
28 (2) مبادئ العلم الجديد
يضع فيكو مبادئ علمه الجديد مفترضا عدم وجود كتب على الإطلاق، رافضا كل ما قدمه علماء اللغة والفلاسفة من أفكار بدت له مشوشة ومضطربة لسببين: (أ)
غرور الباحثين الذين يتصورون أن كل ما يعرفونه كان معروفا منذ بداية العالم؛ ولهذا لا نستطيع أن نلجأ إلى أبحاث الفلاسفة فحسب. (ب)
غرور الشعوب التي يتصور كل منها أن تاريخ العالم بدأ مع بداية تاريخ شعبه وأمته؛ ولذلك لا نستطيع الاعتماد على ما كتبه علماء اللغة وحدهم عن تاريخ هذه الشعوب.
ولكن وسط الظلام والغموض الذي يكتنف الشعوب القديمة يشرق نور الأبدية، إن العالم التاريخي من صنع البشر، وهذه هي الفكرة الرئيسية في فلسفة فيكو. والتاريخ ليس من صنع القدر ولكن من صنع العقل ولهذا فلا بد أن نجد مبادئ التاريخ في تحولات عقلنا البشري نفسه، ويتعجب فيكو تعجبا شديدا من اتجاه كل الفلاسفة الجادين لدراسة العالم المادي الطبيعي الذي هو من صنع الله وهو وحده القادر على معرفته معرفة تامة، بينما أهملوا البحث في عالم التاريخ البشري وكانوا كالعين التي ترى كل شيء خارجها وتحتاج لمرآة لترى نفسها.
ولما كان الإنسان هو صانع التاريخ فلا بد أن تكون هناك تنظيمات أساسية وافق عليها كل البشر، ومن هذه التنظيمات ستخرج المبادئ العامة الخالدة التي وجدت في كل الشعوب. هذه المبادئ الأساسية التي يراها فيكو تتلخص في ثلاثة: الدين أو العقيدة، الزواج وما يرتبط به من تحكم في الانفعالات، دفن الموتى وما يرتبط به من خلود الروح البشرية.
تتبع فيكو أصول النظم الاجتماعية للأمم وردها إلى هذه المبادئ الثلاثة محاولا أن يبين أن بقاء الحضارة متضمن فيها أو نابع منها، ثم استخرج من هذه النظم الثلاثة سائر النظم الحضارية المتطورة. لقد لاحظ أن كل الشعوب، بربرية كانت أو مدنية، لها عادات بشرية ثابتة بالرغم من تباعدها في المكان والزمان؛ فهي جميعا تتفق على ديانة ما، وهي بلا استثناء تحتفل بطقوس الزواج وتدفن موتاها. وحتى الشعوب الموغلة في التوحش نجد لديها الأفعال البشرية التي تحتفي بها وتصاحبها طقوس مقدسة مثل شعائر الدين والزواج ودفن الموتى. اتخذ فيكو من هذه العادات الثلاث مبادئ أساسية لعلمه الجديد واعتبرها الأصل في الحس المشترك بين الشعوب؛ ولذلك ارتفعت في رأيه إلى مرتبة القداسة لأنها هي التي تعصم الشعوب من الارتداد إلى حالة التوحش.
والمبدأ الأول يعارض فيه فيكو بعض الرحالة المحدثين الذين يروون عن شعوب في البرازيل وجنوب أفريقيا ليس لديها أية معرفة عن الله، كما يعارض زعم المفكر الفرنسي بايل
Bayle (1647-1706م) «أن الشعوب يمكنها أن تعيش حياة عادلة بغير حاجة للنور الإلهي.» وقول المؤرخ الهلينستي بوليبيوس (200-120ق.م.): «إنه إذا كان هناك فلاسفة في العالم فهناك عدل مستمد من قوة العقل لا من قوة القوانين ولا حاجة للأديان في العالم.» يعارض فيكو هؤلاء جميعا بقوله إن كل أمة تؤمن بديانة ما، وهناك أربع ديانات هي: العبرانية، والمسيحية، وكلاهما يؤمن بألوهية عقل لا متناه حر أي يؤمن بالله، والأمم الأممية أو الوثنية تؤمن بتعدد الآلهة، وكل إله منها مؤلف من جسم وعقل. وأخيرا الديانة الإسلامية التي تؤمن بإله واحد. وحيثما وجدت الأديان وجدت التشريعات والقوانين التي تنظم المجتمع البشري. ويدلل فيكو على صدق مبدئه بأن الرواقيين والأبيقوريين قد أخفقوا في تصور تشريع قانوني ينظم المجتمع البشري لأن فلسفتهما كانت حتمية وقدرية. وإذا كانت الرواقية تقول بعناية إلهية فهي عناية ترتد إلى «اللوجوس» الكوني الذي يدبر نظام الكون من داخله، ويستمد فيكو الدليل الذي يؤيد حججه من أن التشريع الروماني يجعل من العناية الإلهية تشريعه الأول.
والمبدأ الثاني وهو الزواج وما يرتبط به من انضباط العواطف والتحكم في الانفعالات يؤكد أن جميع الشعوب آمنت بأن الالتقاء بين الرجل والمرأة لا يمكن أن يتم بدون طقوس وإلا عد سلوكا بهيميا منحطا، وانتهاكا للطبيعة البشرية ، وخروجا على القانون.
Halaman tidak diketahui