Falsafat Cilm
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Genre-genre
فأشار إلى أن نيوتن قد بدأ عمله بمبادئ الديناميكا التي يمكن وصفها بأنها تعميمات للنتائج التي توصل إليها جاليليو في بحثه للأجسام الساقطة والقذائف المجاورة لسطح الأرض. وقد لاحظ نيوتن أن جاليليو تعامل مع الحركة تبعا لشروط خاصة مبسطة، من قبيل أنها حدثت في مجال قوى من نوع واحد، وأن مجال القوة مطرد، والقوة نفسها من نوع مخصص جدا بحيث لا تكشف عن الكتلة كمتميزة عن الوزن، فضلا عن أن جاليليو لم يأخذ في اعتباره دوران الأرض حول محورها وحول الشمس، وبينما تعامل جاليليو مع الحركة وفقا لتلك الشروط، كان إنجاز نيوتن العظيم هو صياغة فئة من المبادئ تنطبق على أية حركة مهما كانت، وبصرف النظر عما إذا كان سببها الجاذبية أو الكهربية أو أي نوع آخر من القوة، فقط احتاج نيوتن إلى توضيح أفكار معينة عن الزمان والمكان والحركة تركها جاليليو غامضة. فالجسم الذي يتحرك في خط مستقيم من سطح الأرض يصف مسارا شديد التعقيد وبسرعات مختلفة، وكذلك إذا أخذنا الشمس في الاعتبار، وإذا قيست استمرارية الحركة بمقدار الماء المتساقط بانتظام من خزان مثلا سيبدو الجسم متحركا بسرعة ثابتة مطردة، أما إذا قيست استمرارية الحركة ببندول ساعة فلن تبدو سرعة ذلك الجسم ثابتة مطردة، ومن العبث صياغة مبدأ القصور عن استمرارية الجسم في حركته في خط مستقيم بسرعة مطردة ما لم يؤثر عليها مؤثر خارجي، إذا لم نحدد معيارنا لاستقامة واطراد الحركة وثبات السرعة. وقد واجه نيوتن هذه الصعوبة عن طريق التسليم بكيانين واتخاذهما مصادرة؛ وهما المكان المطلق والزمان المطلق، فصاغ قانون القصور الذاتي في حدود الحركات التي تصف مسافات متساوية على طول خط مستقيم في المكان المطلق خلال فترات متساوية من الزمان المطلق، فقام العلم على أساس مكين هو تحرك الكتل في المكان والزمان المطلقين.
والتقدم المهم الآخر الذي أحرزه نيوتن هو تقديم مصطلح الكتلة وتمييزها عن الوزن. الكتلة هي مقدار ما يحتويه الجسم من مادة، أما الوزن فهو مقدار جذب الأرض للجسم، وتتناسب عجلة السرعة التي تحدثها القوة مع كتلة الجسم، بحيث يمكن قياس القوة بحاصل النسبة بين كتلة الجسم والعجلة التي أحدثتها القوة عليه في اللحظة المعينة. وكل الأجسام تسقط على الأرض بنفس العجلة - كما أوضح جاليليو، ويتبع ذلك أن قوة الجاذبية - أي الوزن في أي مكان معين - تتعادل مع الكتلة، وتكفي هذه المفاهيم لصياغة الديناميكا، لكن ثمة احتياج لمبدأ آخر هو ما صاغه نيوتن في القانون الثالث، فلنفترض أن الجسم أ يحدث قوة على الجسم ب، يرى نيوتن أن هذا مجرد جانب واحد من العملية المتبادلة؛ لأن الجسم ب يجب أن يمارس قوة على الجسم أ، واستنتج من هذا أن الأفعال
action
المتبادلة لمجموعة من الأجسام لا يمكن أن تغير حركة أو سكون مركز جاذبيتهما. هكذا صاغ نيوتن المبادئ الكاملة التي تنطبق على كل الحركات. حقا أن هذه الصياغة مستحيلة بدون جهود جاليليو السابقة، بيد أن هذا لا ينفي أنها من أعظم إنجازات العقل البشري. وإذا نظرنا إلى صعوبة المهمة لن يدهشنا - كما يرى برود - أنها تحتاج إلى تكامل عقلين عظيمين مثل: جاليليو ونيوتن.
ونستطيع الآن أن نفهم توصل نيوتن إلى قانون الجاذبية العام
Gravity (أو التثاقل في ترجمة أخرى للمصطلح)، فطالما أن الكواكب تدور حول الشمس، والقمر يدور حول الأرض، وأقمار المشتري تدور حوله؛ فلا بد أن ثمة قوة في كل حالة من هذه الحالات تؤثر دائما على تلك الأجسام المتحركة وتمنعها من الاستمرار في طريقها بسرعة مطردة في خط مستقيم. إن قانون كبلر الثاني عن المساحات المتساوية في الأزمنة المتساوية يمكن أن يكفي، لكن إذا - وفقط إذا - كانت القوة تؤثر على طول الخط الذي يربط الجسم المتحرك بالجسم المركزي. فوجد نيوتن نفسه أمام ثلاثة تساؤلات هي: (أ)
هل القوة هي نفسها في كل حالة؟ (ب)
وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تتغير القوى على المسافة بين الجسم المتحرك والجسم المركزي؟ (ج)
هل يمكن أن تكون هذه القوة السماوية هي نفسها قوة ما أخرى نعلمها على كوكب الأرض؟
تأتي الإجابة على السؤال الأول من أن أقمار المشتري تتبع قانون كبلر الثاني والثالث في حركتها حول المشتري، تماما كما تتبعهما الكواكب في حركاتها حول الشمس، مما يعني أن القوة هي ذاتها في الحالتين. أما بالنسبة للسؤال الثاني، فعلى الرغم من أن الكواكب تدور في مدارات أهليليجية (أي بيضاوية) الشمس إحدى بؤرتيها، وليست في دائرة الشمس مركزها، فقد يحدث أن تكون الأهليلجات قريبة جدا من الدوائر، وبالتالي البؤرة قريبة جدا من أن تكون مركزية. وعلى الرغم من أن سرعة أي كوكب ليست مجرد مسألة نقاط، بل أجساما ضخمة تتحرك، إلا أنه يمكن مقارنة أبعادها بأنصاف أقطارها، لدرجة تمكننا من التعامل معها ببساطة على أنها نقاط كتل. وعلى هذا يمكن افتراض أن الشمس والكواكب جسيمات كتلية، وأن كل كوكب يدور حول الشمس بسرعة ثابتة خاصة به تميزه. وبهذا الفرض المبسط يمكن إيضاح الزمان الدوري للكوكب متصلا ببعده عن الشمس بالطريقة التي ينص عليها قانون كبلر الثالث، إذا - وفقط إذا - كانت القوة التي تجذب كل كوكب إلى الشمس تتناسب طرديا مع حاصل كتلتي الجسمين وعكسيا مع مربع المسافة بينهما.
Halaman tidak diketahui