162

Falsafat Cilm

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Genre-genre

نكره الحمقى الأفاقين ... ويعرف كل الناس أنا نبع الحكمة.

وتسير أحداث القصة بحيث يندفع في النهاية جيش الأعداد العرمرم صوب أستاذ الرياضة في ثورة عارمة، ويستبد به الرعب هنيهة، ما لبث بعدها أن تمالك نفسه وصاح بصوت جهوري: ابتعدوا عني فما أنتم سوى رموز ملائمة. ثم استيقظ من نومه،

26

في إشارة إلى انقلابة رسل بعد ذلك على هذه الواقعية المفرطة.

فقد ظل رسل ينعم بهذا التصور الواقعي الزاخر، حتى قال له وايتهد ذات مرة: «إنك ترى العالم كما يتراءى في ظهيرة يوم مشرق بديع، أما أنا فأراه كما يبدو في بكرة الصباح ساعة يصحو المرء من نوم عميق.»

27

وراح وايتهد يوضح له كيف أنه يستعمل المنطق الرياضي في عالمه الغامض كصباح لندن ذي الضباب الكثيف، فهب رسل من سباته على صدر الواقعية الوثير؛ ليجد وايتهد يعلمه منهاجا منطقيا لبناء الجسيمات المادية والنقاط المكانية واللحظات الزمانية بوصفها مجموعات من الأحداث، كل حدث ذي امتداد متناه في المكان وديمومة متناهية في الزمان. وهذا يعني أن الأحداث

events

هي خامة العالم، أما الجسيمات والنقاط واللحظات التي ترتد جميعها إلى الأحداث، فينبغي استئصالها وحذفها بواسطة «نصل أوكام».

هكذا تعلم رسل من وايتهد استخدام «نصل أوكام» وهو قاعدة منهجية تعني التقليل من الفروض والكيانات التي لا تدعو الحاجة إليها وحذفها تحقيقا لمبدأ الاقتصاد في التفكير. فإذا كان لدينا الكيانات «أ وب وج» وأمكن رد «ج» إلى «أ وب »، حذفنا «ج» لنعمل بكيانين بدلا من ثلاثة. وفيما بعد سيجعل رسل «نصل أوكام» القاعدة العليا للتفلسف العلمي؛ لأنه القادر على جعل التصورات الفلسفية أصفى وأنقى. وحين حذف النصل الجسيمات والنقاط واللحظات، وأبقى فقط على الأحداث أمكن التوفيق في كل منسجم بين الإدراك الحسي وبين فيزياء القرن العشرين التي ابتعدت تماما عن التصورات العادية للحس المشترك. أوضح نصل أوكام قدرة المنطق الرياضي على تصفية الأنطولوجيا وتطويرها، واكتشف رسل - بفضل وايتهد - القوى الفلسفية الجبارة للمنطق الرياضي، وأن الأمر لا يقتصر على منطق العلاقات، فثمة نصل أوكام وتطبيقه بمنهج البناء المنطقي وهو التخلص من كيانات مستدل عليها، أي غير واضحة، فنحل محلها بناء منطقيا من كيانات تجريبية نكون على معرفة مباشرة بها من قبيل المعطيات الحسية، وثمة أيضا اللغة الرمزية المثالية للتعبير عن هذا تعبيرا منطقيا؛ كل تلك الأدوات المنطقية تمثل عتاد الفلسفة التحليلية، وعن طريقها تصبح التجريبية منطقية.

Halaman tidak diketahui