Falsafah Qariyya: Pengenalan Ringkas
الفلسفة القارية: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
ما الذي يمكن القيام به حيال ذلك إذن؟ يقدم مل الاقتراح التالي المثير للاهتمام:
من بين الحقائق التي أدركها فلاسفة التقليد القاري منذ فترة طويلة، ولكن لم يتوصل إليها من الفلاسفة الإنجليز سوى عدد قليل جدا حتى الآن؛ حقيقة أهمية أساليب تفكير المعارضة، في الحالة الناقصة الحالية التي عليها العلوم النفسية والاجتماعية؛ والتي هي ضرورية لكل منها في التفكير، مثل الضوابط والتوازنات بين سلطات الدولة في أي دستور سياسي. وفي الواقع، الإدراك الواضح لهذه الضرورة هو الأساس المنطقي أو الثابت الوحيد للتسامح الفلسفي ...
ويمضي مضيفا أن الخطر الكبير في الأمور الفلسفية:
لا يتعلق بالاعتقاد بالباطل بدلا من الحقيقة، بقدر تعلقه بسوء فهم جزء من الحقيقة على أنها الحقيقة بالكامل. وقد يكون من المعقول القول إنه تقريبا في كل جدال من الجدالات الرئيسية، في الماضي أو الحاضر، في الفلسفة الاجتماعية، كان كلا الجانبين محقين فيما أكداه، على الرغم من أنهما مخطئان فيما أنكراه، وإنه لو بذل أحدهما بعض الجهد لتبني وجهة نظر الآخر بالإضافة إلى وجهة نظره، لكان سيحتاج للقليل من العمل حتى يثبت صحة مذهبه.
يمكن التقاط عدد من الخيوط من هذه الفقرة؛ بداية، ثمة حقيقة شائعة فيما يتعلق ب «الفلسفة القارية»؛ وهي الحاجة لأساليب تفكير معارضة؛ وهذا يعني أن الحقيقة لا يمكن العثور عليها في أي جزء من الكل، ولكن من خلال تأمل الكل على ما هو عليه. وعلى الرغم من أن مل لم يأت على ذكر هيجل، فإن هذه فكرة هيجلية خالصة؛ قريبة من مفهوم «الجدل» عند هيجل. يقول هيجل في تمهيد كتابه «فنومينولوجيا الروح»: «الحقيقي هو الكل.» وهذا يعني أنه إذا أراد المرء الوصول للحكمة والمعرفة الحقيقية في الأمور الفلسفية (ما يسميه هيجل «المعرفة المطلقة»)، فلا بد أن يستعرض المجموعة الكبيرة المتنوعة من الأطروحات والمواقف التي تشكل تاريخ وحاضر الفلسفة حيث يعبر كل منها عن حبة من حبات الحقيقة. ويسبب اختيار حبة واحدة من هذه الكومة خطر عدم الحصول على رغيف الخبز المغذي، الذي يمكن للمرء خبزه من كمية الحبوب الكاملة.
يقارن مل الحاجة لمثل هذه المعارضة أو الجدل بالضوابط والتوازنات التي تشكل جزءا أساسيا من النظام الليبرالي والديمقراطي للحكم. أحد المبررات لوجود نظام حزبي تنافسي في الحكم هو أنه من واجب المعارضة أن تتحقق باستمرار من سياسات وتشريعات الحزب المشكل للحكومة، والعكس صحيح عندما تعكس الأدوار. من وجهة نظر مل المتفائلة، الخطأ في الفلسفة هو سوء فهم جزء من الحقيقة على أنها الحقيقة بأكملها، أو كما يشير هيجل، وضع الخوف من الخطأ في مكانة أعلى من الرغبة في الحقيقة. بهذا المعنى، لا يتمحور الأمر حول مسألة البت فيما إذا كان بنثام أم كولريدج هو المحق، ولكن يتمحور حول رؤية كلا الاتجاهين الفلسفيين بمنزلة تعبير متحد عن حقيقة أكبر - وهي أن البشر مهتمون بمسألتي المعرفة والحكمة على حد سواء - وأن الأمر يتطلب النظارة للنظر من خلالها، والعينين للرؤية بهما. تتطلب الفلسفة التدمير النقدي والمنطقي وإعادة البناء التأويلية المتأنية؛ بمعنى أن الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية نصفان لكل ثقافي أكبر، ولن تتحقق الحقيقة في الأمور الفلسفية من خلال التأكيد على جانب واحد وإنكار الآخر، ولكن كما يقول مل من خلال: «تبني وجهة نظر الآخر بالإضافة إلى وجهة نظره.» (4) ثقافتان في الفلسفة
ذكرت باختصار ادعاءين تاريخيين حول الفلسفة القارية؛ إنها وصف ذاتي أكاديمي وسمة ثقافية. وباعتبارها وصفا ذاتيا، فإن الفلسفة القارية شر لا بد منه - ولكن ربما عابر - ناتج عن إضفاء الطابع الأكاديمي على المجال. وكسمة ثقافية، تعود الفلسفة القارية على الأقل إلى عصر مل، وما يمكن تعلمه من آرائه هو أن الفصل بين التقاليد الفلسفية هو تعبير عن صراع (وعلاوة على ذلك صراع مذهبي) داخلي لدى «الإنجليزية» وليس تقسيما جغرافيا بين العالم الناطق بالإنجليزية وأوروبا القارية. وعلى هذا النحو، فإن الهوة بين الفلسفة التحليلية والقارية هي تعبير عن انقسام ثقافي عميق بين عادات فكر مختلفة ومتعارضة؛ دعنا نسمها البنثامية في مقابل الكولريدجية، أو التجريبية-العلمية في مقابل التأويلية-الرومانسية. النقطة الأعمق التي يود مل التأكيد عليها، هي أن حقيقة الأمور الفلسفية والثقافية، أيا ما قد تكون، لا يمكن العثور عليها عن طريق اختيار أحد الجانبين؛ ومن ثم سوء فهم جزء على أنه الكل. بل الحقيقة - بكلمات هيجل - هي كل، والكل يجب فهمه في سياق حركته المنهجية وتطوره التاريخي. وآمل أن يسهم هذا الكتاب في اتجاه هذا الفهم.
في اعتقادي أن كثيرا من العداء والشك الذي يبديه فلاسفة التقليد التحليلي تجاه الفلسفة القارية، يحدث بسبب خلط هذين الادعاءين - الأكاديمي والثقافي - على نحو ضار وتبني أحد الجانبين. ولكن هذا العداء ليس دائما من جانب واحد؛ فبالإضافة إلى البهيمية البنثامية لبعض فلاسفة التقليد التحليلي، يمكن أيضا أن يقال إنه ينشأ من الجنون الكولريدجي لبعض فلاسفة التقليد القاري، عندما فشلوا في فهم أحوال موقعهم الثقافي والتحدث بلغة أهلهم؛ على سبيل المثال: يعد هايدجر ودريدا من الفلاسفة العظام، ولكن لا يوجد سبب على الإطلاق للكتابة مثلهما باللغة الإنجليزية. وكانت النتيجة تقليدا محرجا للآخرين في أحسن الأحوال، وكلاما غير مفهوم في أسوأ الأحوال. ما ينبغي على فلاسفة التقليد القاري فهمه إذن هو «إنجليزية» الفلسفة القارية. وعلى الرغم من أنني لا أستطيع أن أخوض في هذا هنا، فإني أعتقد أنه يمكن تقديم ملاحظات مماثلة عن «أمريكية» أو «أسترالية» أو «كندية» الفلسفة القارية - على سبيل المثال - في العالم الناطق بالإنجليزية.
بعبارة أخرى، يوجد نوعان من الثقافات في الفلسفة، ولن يتغير في الفلسفة، أو في الواقع في الثقافة، سوى القليل، حتى يتم النظر في هذا الوضع على نحو ملائم. وبعد ما يقرب من مائة وعشرين عاما على نشر مقال مل حول كولريدج، في 7 مايو عام 1959، ألقى سي بي سنو محاضرة ريدي الشهيرة في جامعة كامبريدج، وفيها حلل فقدان الثقافة المشتركة وظهور ثقافتين مختلفتين: تلك التي يمثلها العلماء من جهة، وتلك التي يمثلها من سماهم سنو ب «المفكرين الأدبيين» من جهة أخرى. فإذا كان العلماء يؤيدون الإصلاح الاجتماعي والتقدم من خلال العلم والتكنولوجيا والصناعة، فإن المفكرين هم من سماهم سنو «اللوديين الطبيعيين» في فهمهم للمجتمع الصناعي المتقدم وتعاطفهم معه. وبعبارة مل، فإن التقسيم يقع بين البنثاميين والكولريدجيين. وفي كتاب «الثقافتان: نظرة ثانية» (1963)، الذي كتبه سنو بعد سنوات من الجدل الشديد في بعض الأحيان، الذي سببته محاضرته التي ألقاها في عام 1959، قدم الملخص التالي لحجته الرئيسية بأسلوبه النثري المقتصد البارع:
في مجتمعنا (أي المجتمع الغربي المتقدم) فقدنا حتى التظاهر بوجود ثقافة مشتركة؛ فالأشخاص المتعلمون الذين نعرف أنهم تلقوا تعليما مكثفا للغاية، لم يعودوا قادرين على التواصل بعضهم مع بعض على مستوى اهتماماتهم الفكرية الرئيسية. وهذا أمر خطير بالنسبة إلى حياتنا الإبداعية والفكرية، وحياتنا الطبيعية قبل كل شيء. وذلك يقودنا إلى تفسير الماضي على نحو خاطئ، وسوء الحكم على الحاضر، والحرمان من آمالنا للمستقبل. وهذا يجعل من الصعب أو من المستحيل بالنسبة إلينا اتخاذ الخطوات المناسبة.
Halaman tidak diketahui