146

Falsafah Inggeris dalam Seratus Tahun (Bahagian Pertama)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Genre-genre

ولنعد إلى «سر هيجل»، فما الذي كان يعنيه سترلنج بهذا العنوان الذي كان أقرب إلى الإثارة، وكيف استقر عزمه على القيام بمهمة كشف هذا السر؟ ربما كان هناك بعض الصدق في الدعابة القائلة إنه لو كان سترلنج قد عرف سر هيجل لعرف كيف يحتفظ به لنفسه. وفي اعتقادي، على أية حال، أن فضل سترلنج لا يرجع إلى إماطته اللثام عن سر حقيقي، بقدر ما يرجع إلى أنه قد لفت الأنظار بكل قوة، ولأول مرة، إلى العبقري المجهول، الذي كان اسمه يزداد ذيوعا في إنجلترا، وإن لم يتمكن أحد من أن يكون عنه فكرة تقرب من الوضوح والتحدد. ولا شك أن الضوء الذي ألقاه سترلنج على هيجل قد خبا إلى حد ما نتيجة للطريقة الشاقة التي توصل بها إلى فهمه، بحيث ترك من القناع الغامض الذي سعى إلى إزالته جزءا يكفي لإثارة حب الاستطلاع والتشجيع على إبداء مزيد من الاهتمام بموضوع البحث. والأمر الذي لا جدال فيه أن هذا الكتاب لو كان علميا محضا لما أحدث هذا التأثير. وعلى ذلك فإن فضل سترلنج لا يرجع إلى مساهمته في فهم محتوى مذهب هيجل، بقدر ما يرجع إلى مساعدته على إظهار الصفات العقلية والطابع العام لهذا المذهب. فإذا أخذنا في اعتبارنا حالة الفلسفة الإنجليزية في ذلك الوقت لوجدنا أن هذه كانت هي الخدمة الأجل،؛ فقد خلق أسطورة هيجلية، لم تتحول إلى الصبغة الواقعية المنتمية إلى العالم الفعلي، ولم تنق من شوائبها، إلا بعد عشرات طويلة من سنوات البحث الجاد النزيه الدقيق.

على أن سترلنج ذاته كان يعتقد أنه قد نزع، بصبغة نهائية، القناع الذي كان يخفي سر هيجل. فقد عبر، بطريقة مركزة، عن رأيه في هذا السر، في مستهل كتابه الكبير، فقال: «مثلما أن أرسطو قد قام - بمساعدة كبيرة من أفلاطون - بالتعبير بطريقة صريحة عن الكلي المجرد الذي كان موجودا بطريقة ضمنية لدى سقراط، فكذلك قام هيجل - ولكن بمساعدة أقل من جانب نشته وشلنج - بالتعبير بطريقة صريحة عن الكلي العيني الذي كان موجودا بطريقة ضمنية لدى كانت.»

34

وقد عبر عن هذه المسألة تعبيرا أشد غموضا فقال: «إن سر هيجل هو التبادل القائم على تحصيل الحاصل، للفكرة المنطقية، التي هي في ذاتها شيء عيني.»

35

على أنه أشار إلى ماهية مذهب هيجل على نحو أوضح إلى حد ما، فوصفه بأنه التصور العيني الذي ينحصر الديالكتيك في حدوده، بمعنى أنه عندما يفكر الكلي

Universal

في ذاته، فإنه يضع ضده، وهو الجزئي، ثم يعود بعد ذلك إلى ذاته بوصفه الفردي. هذا هو الطريق الذي يسلكه الفكر، كما أن من الممكن أيضا التعبير عنه بوصفه حركة من التصور إلى القياس بتوسط الحكم، أو من المنطق إلى الروح بتوسط الطبيعة. وهكذا فإن مفتاح فلسفة هيجل إنما يكون في التصور العيني؛ إذ أن الأخير يشتمل على الحركة الديالكتيكية للعناصر، وفي الوقت ذاته على علاقتها بالمعرفة في كليتها. ويؤكد سترلنج مرارا وتكرارا عينية تفكير كانت وهيجل، وصعوبة التخلص من تجريدات الذهن والانتقال منها إلى هذا التفكير العيني للعقل، الذي يبلغ فيه التصور حقيقته عن طريق تأمل العاملين المضادين له في آن واحد. وهذا هو بعينه موضع القوة عند كانت وهيجل، فتفكيرهما لم يتحرك أبدا في تجريدات خيالية فارغة، وإنما ارتكز بكلتا قدميه دائما على الأرض العينية الصلبة.

وإن الصورة التي رسمها سترلنج لهيجل لتبدو لي صحيحة على وجه الإجمال، فإذا تذكرنا أنه كان يطرق أرضا جديدة كل الجدة، فسوف تتملكنا الدهشة من عمق بصيرته في إدراك ما هو أساس في هذا التفكير، وهي بصيرة لم تكن ممكنة إلا في ذهن اتسم بمثل هذا الخيال المتعاطف، وإن طريقته في العرض، التي كانت تحفل بالصور الواضحة الملوسة، وتحفل أيضا بالغموض والتعقيد، وتحفل كذلك بالتأمل النظري والإغراب؛ إنما تلقي على المشكلات ضوءا أشبه بضوء مجموعة مختلطة متداخلة من الكشافات. على أنه ينجح في بث الأفكار في ذهن القارئ، بحيث لا يملك القارئ إلا أن يفهمها. ولقد كان مصطلح هيجل مصدرا لصعوبة هائلة في طريقة العرض؛ فقد تعين نحت ألفاظ فلسفية جديدة من أجل الوصول إلى مرادفات إنجليزية، وكانت محاولة سترلنج البطولية لتحقيق ذلك مساهمة قيمة فيما تحقق بعده، بل حققت هي ذاتها نتائج تدعو إلى الإعجاب، حتى لو لم يكن قد نجح تماما، رغم صوره ونحوته الجريئة، في إعادة تجسيد معاني هيجل.

على أن هناك ناحية واحدة كانت فيها الصورة التي رسمها لهيجل مخطئة قطعا؛ ذلك لأن ميوله الألوهية قد سيطرت على عرضه أكثر مما ينبغي، وأدت به إلى أن يقرأ في هيجل أكثر مما فيه من العناصر اللاهوتية المحافظة. فقد كان سترلنج، من حيث هو فيلسوف، لاهوتيا متنكرا، لا مكان عنده لفلسفة لا تتخذ من رعاية المصالح الدينية غاية كبرى لها؛ ومن ثم فقد توجه إلى كانت وهيجل ذاتهما، يسألهما إن كان مذهباهما كفيلين بزيادتنا اقتناعا بسيادة الله ومشاركتنا فيها. ولم يكن هذان الفيلسوفان جديرين في نظره بالدراسة العميقة التي كرسها لهما إلا لاعتقاده بأن في وسعه الإجابة عن السؤال السابق بالإيجاب. ومن هنا فإنه لم يمل أبدا من الإشادة بهيجل بوصفه الفيلسوف حامي المسيحية؛ «فمذهب هيجل يؤيد هذا الدين ويدعم كل قضاياه.» وآراء هيجل «تتفق على نحو يدعو إلى الإعجاب مع الوحي الذي يكشف عنه العهد الجديد.»

Halaman tidak diketahui