Falsafah dalam Bentuk Feminin
الفلسفة بصيغة المؤنث
Genre-genre
39
وتضيف: «لولا صفح الآخرين عنا، الذي به نتخلص من تبعات أعمالنا، لبدت قدرتنا على الفعل كما لو كانت حبيسة فعل واحد يلتصق بنا إلى الأبد، ولبقينا ضحايا عواقبه وآثاره، تماما مثل ساحر مبتدئ عاجز، في غياب الوصفة السحرية، عن إيقاف صنيعه أو التحكم فيه. ولولا التزامنا بالوعود، لكنا عاجزين عن الحفاظ على هوياتنا، ولكتب علينا أن نتوه بلا قوة ولا هدف، كل يهيم في ظلمات قلبه الوحيد، ويفرق في التباسات وتناقضات هذا القلب، ظلمات لا يبددها إلا النور الذي ينشره حضور الآخرين في المجال العمومي، بتأكيدهم هوية الإنسان الذي يعد، والإنسان الذي يفي بوعده.»
40
وها هنا تجد آرنت مدخلا آخر لمحاولة تجنب الشر: إنه الصفح كمقابل للانتقام، فإذا كانت النزعة الانتقامية بكل نتائجها السلبية تدخل في صلب الهوية، فإن الحل الأنسب لتحقيق انسجام بين الضحية والجلاد هو الصفح، كمبدأ يحقق التسامح كأعلى قيمة إنسانية، بدل أن تكون مجرد مبدأ أخلاقي متعال كما هو الحال عند كانط.
نعود من جديد إلى الشرط الإنساني، الذي يتماهى فيه الفعل السياسي بما هو جوهر الماهية الإنسانية، مع مختلف الأنشطة الإنسانية الأخرى داخل الفضاء العمومي؛ لأن الأنا المفكرة لا تعيش بمعزل عن العالم والآخرين، وداخل هذا الفضاء البينذاتي بتعبير هابرماس
Habermas ، هو حقل تجارب الوعي الجمعي. فهل يمكن أن يكون الصفح أداة لتجنب الجرائم التي ننسبها للشر؟ تبدو المقاربة الآرنتية لمسألة الصفح مقاربة مسيحية لا تتجاوز التصور الكانطي في «الدين في حدود مجرد العقل»،
41
فإذا كان المسيح هو النموذج الأعلى الحامل لكل صفات الإنسان الكامل، فإن صفة الصفح كقيمة إنسانية نبيلة لا نجد تأطيرها الفعلي كمبدأ محايث للشرط الإنساني إلا في الدين المسيحي كما تقول آرنت، إلا أن طابعه المسيحي هذا لا يلغي إمكانية علمنته؛ حيث تقول: «لقد كان المسيح وراء اكتشاف الدور الذي يلعبه الصفح في مجال الشئون الإنسانية. ولا يجوز التذرع بكون هذا الاكتشاف قد تم في سياق ديني وجرى التعبير عنه بلغة دينية، لكي لا نعامله بالجدية المطلوبة من منظور علماني صرف.»
42
يبدو أن الحل الآرنتي هنا هو حل قيمي-أخلاقي يتوخى الاستجابة لنداء الفلاسفة منذ سقراط، فلا حل لتناقضات العيش المشترك والتواجد معا في الفضاء العام إلا بالتحلي بالقيم النبيلة التي طالما نادت بها الإنسانية. وعلى الرغم مما يمكن أن يقال عن الصفح كأداة للتسامح والمصالحة، فإنها (أي كأداة وليس كقيمة)، تطرح العديد من المشكلات على المستوى العملي-السياسي: فهل يقبل الضحية بمصافحة الجلاد؟ وهل يقبل من قضى نصف حياته في معسكرات الاعتقال في الصحراء، التي لا معنى فيها للوجود، أن يقبل الصفح، وأن يسامح إيخمان ويتصالح معه؟ وحدهم، أي الضحايا، قادرون على أخذ القرار. نطرح هذا السؤال؛ لأن من أكبر المشكلات المطروحة في الألفية الجديدة هي إشكالية المصالح والتصالح في سبيل مجتمع متضامن ومتعاضد. ولربما تكون صرخة الفاعل السياسي-الحقوقي بجدوى قيمة الصفح شبيهة بصرخة الثيولوجي بالمغفرة.
Halaman tidak diketahui