Falsafah Jenisnya dan Masalahnya
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
Genre-genre
أشمل النظريات الثنائية في العلاقة بين الجسم والذهن وأوسعها تأثيرا. وهذه النظرية تذهب بالاختصار إلى أن الذهن والجسم يمثلان نظامين مستقلين للوجود لا يمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر، غير أن في استطاعة كل منهما أن يمارس فاعليته على الآخر أو يؤثر فيه. ولهذه النظرية ميزة كبرى، هي أنها تبدو متفقة مع تجربتنا اليومية؛ ذلك لأننا نستطيع أن نقرر أن نرفع ذراعا (أي أن تكون لنا تجربة «ذهنية» خالصة بشأن موضوع مادي) فنجد الذراع قد ارتفع بالفعل. وعلى العكس من ذلك، فكلنا قد جربنا تأثير التعب أو المرض أو العقاقير المخدرة في عملياتنا الذهنية، فعندما يضطرب الجسم على أي نحو، يكون التفكير عادة مضطربا أو مشوها. والواقع أن هذه التجارب تبلغ من الشيوع حدا يصعب معه على الطلاب أن يدركوا إمكان وجود أي رأي آخر غير نظرية التأثير المتبادل. غير أن هناك، لسوء الحظ، اعتراضات خطيرة جدا توجه إلى الموقف القائل بالتأثير المتبادل. ولقد أدت نقاط الضعف هذه، التي يرى كثير من المفكرين أن منها واحدة أو اثنتين تقضيان على النظرية تماما، إلى ظهور النظريات المنافسة. ويمكن القول إن كل هذه الآراء البديلة تقريبا قد وضعت من أجل تجنب العناصر المعترض عليها في نظرية التأثير المتبادل؛ ومن هنا فإن من الضروري لنا أن نكون صورة واضحة عن هذا المذهب وعن الاعتراضات الأساسية التي أثيرت ضده.
الحجج المضادة لنظرية التأثير المتبادل : أولى نقاط الضعف في نظرية التأثير المتبادل هي أننا نجهل تماما كيف يحدث هذا التأثير المتبادل المزعوم. فإذا سلمنا بأنه يبدو من الممكن في نظري أن أرغب في رفع ذراعي ثم أنفذ هذه الرغبة، فإن علم النفس الحديث ذاته لا يستطيع أن ينبئنا إلا بالقليل جدا عن الطريقة التي يؤثر بها الفكر في العضلات والمفاصل اللازمة لرفع الذراع بالفعل؛ وهكذا فإن جهلنا بهذه المسألة لا يكاد يقل عما كان عليه عندما قدم ديكارت، في أوائل القرن السابع عشر، عرضه الكلاسيكي للمذهب الثنائي. فقد كان ديكارت يقول بنظرية تبدو لنا اليوم ممتنعة، مؤداها أن الغدة الصنوبرية (التي توجد في منتصف المخ) هي نقطة الالتقاء أو «البوابة» التي تتحول بها الأفكار غير الممتدة وغير الجسمية إلى تنبيه يحرك الجسم المادي الممتد (الذي يشغل مكانا). وعلى العكس من ذلك فإن هذه الغدة الصنوبرية كانت هي الوسيلة التي يتحول بها حادث جسمي (كوخزة الدبوس مثلا) إلى إحساس أو إلى «فكرة».
والاعتراض الرئيسي الثاني على نظرية التأثير المتبادل هو استحالة تصوره؛ ذلك لأن الكثير من خصوم هذه النظرية يرون أن فكرة ديكارت ليست أكثر امتناعا من الفكرة القائلة أن شيئين بينهما هذا القدر من التنافر الذي يوجد بين الذهن والجسم يمكن أن يكون بينهما تأثير متبادل من نوع ما. فالفرق الكيفي بينهما أعظم بكثير من أن يسمح لنا حتى بتصور إمكان حدوث تأثير سببي متبادل. ذلك لأنه لا يوجد سر واضح في الطريقة التي يستطيع بها شيئان ماديان أن يؤثر كل منهما في الآخر (كما في حالة الاصطدام مثلا)، كما أن تأثير حادث ذهني في الآخر هو قطعا ظاهرة مألوفة أخرى - كما يحدث عندما تؤدي رائحة (وهي إحساس) إلى استعادة ذكرى (وهي صورة). أما تصور قيام حادث ذهني بإحداث تغيير في موضوع مادي أو العكس، فهو أمر واضح الامتناع.
رد القائل بنظرية التأثير المتبادل : توجد لدى القائل بنظرية التأثير المتبادل ردود عاجلة على هذين الاعتراضين الأولين الموجهين إلى نظريته. فهو يتناول هذين الاعتراضين بالترتيب العكسي، فيشير إلى أن حجة «استحالة التصور» ليست حجة على الإطلاق؛ ذلك لأن تاريخ العلم حافل بأمثلة تحول فيها شيء يعد تصوره مستحيلا إلى حقيقة واقعة. فبالنسبة إلى الذهن الذي كان يعيش في العصر الوسيط، كان من المستحيل تصور إمكان أن يعيش الناس على الجانب السفلي للعالم؛ إذ إن من الواضح أن هذا يؤدي إلى سقوطهم - وفضلا عن ذلك فمن ذا الذي يستطيع أن يعيش معلقا إلى الأرض بقدميه، مثلما تتعلق الذبابة بالسقف؟ وفيما بعد كان من «غير المتصور» أن يستطيع الإنسان الطيران؛ إذ كيف يتسنى لوسيط رقيق كالهواء «عقلا»، أن يحمل شيئا ثقيلا كجسم الإنسان؟ وهكذا يشير القائل بالتأثير المتبادل إلى أن المسألة بالاختصار هي أن الدليل الوحيد على الواقعية هو الواقع ذاته. ففي استطاعتنا أن نقدم حججا منطقية على أن هذا الشيء أو ذاك لا يمكن عقلا أن يحدث أو يوجد، ولكن إذا كانت تجربتنا الحسية تبين لنا أنه قد حدث أو وجد بالفعل ، فلن يؤدي افتقاره إلى المنطق أو استحالة تصوره إلى تغيير هذه الحقيقة.
وفضلا عن ذلك فإن «الغموض» المزعوم، المتعلق بطريقة إمكان حدوث تأثير متبادل بين المادي والذهني ليس حجة على الإطلاق. ففي النظام الطبيعي حوادث متعددة تعد «غامضة» بالمعنى الصحيح. فمن الجائز أنه لا يوجد قانون علمي توطدت دعائمه بقدر ما توطدت دعائم صيغة نيوتن العامة للجاذبية، ومع ذلك فلا نيوتن ولا نحن نعرف كيف يتسنى لأشياء مادية تفصل بينها مئات الملايين من الأميال أن يؤثر بعضها في بعض. وعلى حين أن أينشتين قد قدم إلينا بضعة اقتراحات رائعة عن سبب حدوث ظاهرة - «التأثير عن بعد» هذه، فإن الطريقة الأساسية التي يحدث بها هذا التأثير ما زالت سرا غامضا. وإنه لمن «غير المتصور» أن يكون في استطاعة الأشياء التأثير بعضها في بعض دون أن يحدث بينها اتصال ميكانيكي مباشر، أو دون أن تبعث حركات في وسيط معلوم معين، قادر على نقلها، مثلما يستطيع الهواء أو الماء نقل الموجات. ومع ذلك فلا يمكن أن يكون ثمة شك في حقيقة الجاذبية، مهما يكن من غموض هذا التأثير. وينتهي صاحب نظرية التأثير المتبادل إلى أن الأمر قد يكون كذلك في حالة التأثير النفسي المتبادل: فسواء أكنا قادرين على «تصوره»، أم على تقديم تفسير مرض له، أم لم نكن، فإنه، بوصفه واقعة خالصة، يبدو أمرا لا يمكن إنكاره. ومن ثم فعلى المنطق وعلم النفس أن يتهادنا مع هذه الواقعة، سواء أكانا بهذه المهادنة سعيدين أم لم يكونا. (5) المذهب الآلي ومبدأ بقاء الطاقة
هناك اعتراض أخطر بكثير على نظرية التأثير المتبادل، وذلك من وجهة نظر ذوي العقليات العلمية على الأقل، ألا وهو ما يبدو أن هذه النظرية تستتبعه من خروج على مبدأ بقاء الطاقة. هذا المبدأ هو واحد من أشمل المبادئ التي صاغها العلم وأكثرها أساسية. ومفاده باختصار أن كمية الطاقة في أي نظام فيزيائي تظل ثابتة. فمن الممكن تحويل هذه الطاقة، أو حتى تبديدها في جميع أرجاء النظام الكامل بحيث تظل داخليا في سكون ، غير أن المجموع الكلي للطاقة لا يمكن أن يزيد أو ينقص. على أن نظرية التأثير المتبادل بين الذهن والجسم تبدو متعارضة مع هذا المبدأ. ولنوضح ما نقول بذلك المثال الذي سبق لنا استخدامه: فإذا قررت أن أرفع ذراعي ثم نفذت هذا القرار، فإن الحادث الذي بدأ في أول الأمر نفسيا بحتا، ينتهي حادثا ماديا. وفي هذه الحالة يبدو أنه قد أضيفت كمية معينة من الطاقة إلى النظام المادي للجسم من لا شيء. وبالعكس فلو أن تغيرا معينا في العالم المادي، مثل دق جرس، قد انتهى إلى إحساس أو إدراك للصوت في وعيي، لبدا أن الطاقة الجسمية أو المادية قد تلاشت في «الذهن» الذي هو عدم من النواحي المادية. وفي كلتا الحالتين يبدو أن مبدأ بقاء الطاقة قد خولف.
وهنا أيضا نجد لدى القائل بنظرية التأثير المتبادل إجابات سريعة، وإن لم تكن تبدو مقنعة بقدر ما كانت تبدو إجاباته على الاعتراضات السابقة. فهو يرد أولا بأن العلاقة السببية لا تنطوي بالضرورة على تحويل الطاقة.
3
فكل ما يلزم لإقامة علاقة سببية بين شيئين أو حادثين هو نوع من الاعتماد الضروري لأحدهما على الآخر. وهذا الاعتماد قد ينطوي أو لا ينطوي على تحويل للطاقة. وثانيا فإن تعبير أصحاب نظرية التأثير المتبادل عن العلاقة بين الذهن والجسم لا يحول دون إمكان حدوث تحويل فعلي للطاقة. فمن الجائز أن الطاقة النفسية تتحول إلى طاقة جسمية، والعكس بالعكس، بحيث لا يكون في الأمر خلق للطاقة أو تبديد لها. وبعبارة أخرى فإن فرض التأثير المتبادل لا يستلزم افتراض نظامين مغلقين، فمن الممكن النظر إلى الكائن العضوي على أنه نظام كامل، لا يكون الجسم والذهن إلا أجزاء منه. (6) نظرية التوازي
ليس في وسع أحد أن ينكر أن فرض التأثير المتبادل، مهما يكن حكمنا النهائي عليه، يستند بقوة على تجربة الإنسان في موقفه الطبيعي. أما النظرية التي سنعرضها بعد ذلك، عن العلاقة بين الجسم والذهن، فإنها تدير ظهرها للموقف الطبيعي. وتحاول بهذه الطريقة الجذرية أن تستبعد بعض الاعتراضات الموجهة إلى الآراء الأخرى. هذه هي نظرية التوازي
Halaman tidak diketahui