197

Falak Dair

الفلك الدائر على المثل السائر (مطبوع بآخر الجزء الرابع من المثل السائر)

Editor

أحمد الحوفي، بدوي طبانة

Penerbit

دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

Lokasi Penerbit

الفجالة - القاهرة

الفخامة والفصاحة والجزالة ما لا تعطي الآية عند فقدها، كقول الزباء "ولكنه شيمة ما أناس"١ قال وهذا شيء لا يعرفه إلا أهله.
والغزالي معذور في ألا يعرف ذلك، لأنه ليس من فنه٢.
أقول إن ما قاله الغزالي وغيره في هذا الموضع مأخوذ من قول شيخنا أبي عبد الله البصيري المتكلم، فإنه قال: الحقيقة ما انتظم لفظها معناها من غير زيادة ونقصان ولا نقل، والمجاز ما لا ينتظم لفظه معناه إلا لزيادة ونقصان أو نقل، كزيادة الكاف في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ ٣ فإنا لو أسقطنا الكاف استقام المعنى. ومثال النقصان قوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ ٤، فإنا إذا زدنا فيه لفظة الأهل استقام المعنى. ومثال النقل قولنا: رأيت أسدا، تعني به الرجل الشجاع، فإنه منقول من السبع.
وإذا أردنا الكلام على هذا الوجه، كان قوله "فيما رحمة" مجازا، لأنه لا ينتظم اللفظ معناه إلا بحذف "ما".
قلنا: لا نسلم أن هذا مجاز، بل هذه دالة على الوضع اللغوي المنطوق به في أصل اللغة، فيقال له أما أولا فإن القوم حدوا المجاز بحد هو موجود في هذا الموضع، ولا يجوز أن يقال لمن حد أمرا بحد: لم قلت إن هذا هذه؟ لأن القوم قد اختاروا أن يضعوا اللفظ المجاز لما كان بهذه الصفة. والمنازعة بعد ذلك لهم منازعة لفظية.

١ وردت هذه الجملة في كلمات له مع جذيمة الأبرش، قال ابن الأثير: معنى الكلام ولكنه شيمة أناس، وإنما جاءت لفظه ما ههنا تفخيما لشأن صاحب تلك الشيمة وتعظيما لأمره، ولو أسقطت لما كان للكلام هذه الفخامة والجزالة.
٢ المثل السائر: ٢/ ٩٤.
٣ سورة الشورى: ١١.
٤ سورة يوسف: ٨٢.

4 / 211