تتمة هل الرمان من الفواكه ام لا قلنا فى ذلك كلاما طويلا قال النسفى عند قوله تعالى فيها فاكهة ونخل ورمان الرمان والتمر ليسا من الفواكه عند الامام ابى حنيفة رحمه الله تعالى للعطف ولان التمر فاكهة وغذا والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا لتفكه وقالا انما عطف على الفاكهة لفضلهما فكانهما جنسان اخران لما لهما من المزية كقوله تعالى جبريل وميكائيل انتهى كلامه قال السيد محمد كبريت واراد فى الهداية البطيخ انتهى قلت وانت ترى ان قول الامام رحمه الله تعالى انه فاكهة وغذا والاخر فاكهة ودواء ليس فيه نفى للفاكهة بل فيه نفى التمحض للفاكهة مع خصوصية زائدة فلا ينبغى ان يكون مخالفة بينه وبين القائل بانه فاكهة بل للمخالف فى الخصوصية الزائدة فتامل فى شرح البخارى للقسطلانى قال بعضهم ليس الرمان والنخل من الفاكهة وهذا البعض قيل اراد به الامام ابى حنيفه رحمه الله تعالى ومن وافقه كالفرا وذلك لما كان الشئ لا يعطف على نفسه وانما يعطف على غيره لان العطف يقتضى المغايرة واما العرب فانها تعدها فاكهة كقوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فامرهم بالمحافظة على كل الصلوات ثم اعاد العصر تشديدا لها كما اعيد النخل والرمان هنا قال الشارح والحاصل انه من عطف الخاص على العام واعترض بانه نكرة فى سياق الامتنان فتعم وليس المراد بالعام والخاص ما اصطلح عليه فى الاصول ولعل المراد ما كان الاول صادقا على الثانى سواء كان هناك اسنغراق او لم يكن ثم هنا فائدة لا باس بالتنبيه عليها وهى ان الشيخ ابا حيان نقل قولين فى المعطوفات اذا جمعت هل كلها معطوف على الاول او كل واحد معطوف على ما قبله فان قلنا بالثانى لم يكن عطف النخل على الرمان من باب عطف الخاص على العام بل من عطف احد المتباينين على الاخر ومن هذه الفائدة يتجه لك المنازعة فى قوله تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال ان هذا من عطف الخاص على العام وليس كذلك فاما ان قلنا بالقول الاخير فجبريل معطوف على لفظ الجلالة وان قلنا بالثانى فهو معطوف على رسله والظاهر ان المراد بهم الرسل من بنى ادم لعطفهم على الملائكة فليس منه انتهى قلت ومنه تعلم ان عطف النخل على الفاكهة من عطف المغاير مع عدم امتناع ان يكون ثمرها فاكهة لما علمت ان النخل اسم لجميع نخله الصادقة على الجريد والسعف واللحا وجميع الاجزاء وذلك المجموع ليس وانما افرد ذكره اظهارا لشرفه وتبيانا لموقعه عند العرب المخاطبين كما فى قوله تعالى افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت مع وجود ما هو اعظم من الابل فيكون تمر النخل داخلا فى الفاكهة او مسكوتا عنه معلوم الحكم من غيره وهو فى الجملة اولى من الجزم بالخروج من من الفاكهة وانت تعلم ما فيه وعليه فالرمان عطف على النخل لا على الفاكهة تامل وقال الطوفى الحنفى فى تفسيره عند قوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان يحتج به على جواز عطف الخاص على العام وهو المثال المشهور وقال بعض الفضلاء ليس هذا من امثلة ذلك لان شرطه ان يكون المعطوف عليه عاما يتناول المعطوف بعمومه ثم يعطف بعد ذلك تخصيصا له بالذكر كجبريل وميكائيل عطف على عموم ملائكته وليس هذا كذلك لان فاكهة نكره فى سياق الاثبات فهو مطلق لا عام فلم يتناول النخل والرمان حتى يكون عطفها عليها من عطف الخاص على العام وهذا كلام صحيح وتحقيق جيد غفل عن اكثر الناس بل كل من راينا كلامه فيه وانما عليه الشيخ الامام العالم الفاضل شهاب الدين القرافى المالكى فى بعض كتبه انتهى اقول لكن قولهم ان النكرة لا تعم الا فى موضع النفى خلاف التحقيق فانه ذكر السعد فى التلويح من بحث ضيع العموم سواده قوله وكذا البكرة الموصوفة ما صورته فالحاصل ان النكرة على غير موضع النفى قد تعم بحسب اقتضاء المقام انتهى يعنى ان عمومها فى سياق النفى هل هو نص فى العموم او ظاهر فنقول ان بنيت النكرة معه على الفتح فهو نص والا فهو ظاهر ومعنى النص هو الذى لا يحتمل غير المعنى المراد والظاهر بالعكس ثم قوله فيما تقدم انه ليس المراد من العام والخاص على ما اصطلح عليه فى الاصول فيه نظر فان العام والخاص عند الاصوليين قد يكون حقيقيا وقد يكون اضافيا قال فى التلويح فى بحث الفاظ العموم عند قوله خاص من وجه عام من وجه فان قلت قد صرح فيما سبق ان اللفظ الواحد يكون خاصا وعاما من حيثيتين قلت ليس المراد بالخاص بالخاص الخاص الحقيقى اعنى ما وضع لكثير مخصورا ولواحد بل الاضافى ان ما يكون متناولا لبعض متناوله وله لفظ اخر لمجموعه فيكون اقل تناولا بالاضافة اليه وهو معنى خصوصية وهذا كما قالوا فى قوله تعالى والذين يتوفون منكم وقوله تعالى ايضا واولات الاحمال اجلهن لا بد ان كلا منهما بالنسبة الى الاخر خاص من وجه عام من وجه اخر وذكر ابن الحاجب ان التخصيص يطلق على قصر اللفظ على بعض مسمياته وان لم يكن عاما كما يطلق العام على اللفظ بمجرد تعدد مسمياته مثل العشرة انتهى قلت وانت اذا نظرت الى ما ذكره المناطقه فى جنس للاجناس وان الحيوان بالنسبة الى الجسم اخص وبالنسبة الى الانسان اعم وهلم جر يتضح لك الصواب ويرتفع عنك الارتياب لاحقه فرق القرافى بين الاعم والعام بان الاعم انما يستعمل فى المعنى والعام فى اللفظ فاذا قيل هذا اعم يتبادر الذهن للمعنى واذا قيل هذا عام يتبادر الذهن الى اللفظ كذا فى البحر للزركشى
Halaman 78