190

Fajar Islam

فجر الإسلام

Genre-genre

صلى الله عليه وسلم ، وأقام بمكة نحو ثلاث عشرة سنة، ثم أقام بالمدينة نحو عشر سنين، وهذا العصر أعني العصر الذي عاش فيه النبي

صلى الله عليه وسلم

بعد الهجرة هو عصر التشريع حقا، ففيه كان ينزل القرآن بالأحكام، وتصدر عنه الأحاديث مبينة لما يعرض من الحوادث، وهذان المصدران - الكتاب والسنة - هما أعظم مصادر التشريع الإسلامي.

القرآن: نزل القرآن - كما رأيت - منجما في نحو ثلاث وعشرين سنة، منه ما نزل بمكة ويبلغ نحو ثلثي القرآن، ومنه ما نزل بالمدينة ويبلغ نحو الثلث.

ونحن إذا تتبعنا الآيات المكية نجد أنها لا تكاد تتعرض لشيء من التشريع في المسائل المدنية والأحوال الشخصية والجنائية، إنما تقتصر على بيان أصول الدين والدعوة إليها، كالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر؛ والأمر بمكارم الأخلاق كالعدل والإحسان، والوفاء بالوعد، وأخذ العفو، والخوف من الله وحده، والشكر، وتجنب مساوئ الأخلاق، كالزنا، والقتل، ووأد البنات، والتطفيف في الكيل والميزان، والنهي عن كل ما هو كفر أو تابع للكفر، حتى ما شرع في مكة من عبادات كالصلاة والزكاة لم يكن على التفصيل والبيان الذي عرف في المدينة، فالزكاة في مكة كانت بمعنى الصدقة والإنفاق في سبيل الخير من غير أن يحدد لها جزء معين ولا نظام خاص، وكذلك الصلاة إنما أمر المسلمون أول أمرهم بنوع من الصلاة لم يحدد بأنه خمس في اليوم وهكذا، ولعل أوضح ما يبين التعاليم التي كان يدعو إليها الإسلام في مكة سورة الأنعام المكية.

أما التشريع في الأمور المدنية من بيع وإجارة وربا ونحو ذلك، والجنائية من قتل وسرقة، والأحوال الشخصية من زواج وطلاق، فكل ذلك كان بعد أن هاجر النبي

صلى الله عليه وسلم

إلى المدينة، ولعل خير ما يوضح هذا النوع من التشريع سورتا البقرة والنساء المدنيتان، والعلة في ذلك واضحة، فإن أصول الدين وهي التي جاء بها التشريع المكي مقدمة في الأهمية وفي المنطق على أصول الأحكام التي جاء بها التشريع المدني، وأيضا فإن الأحكام هي أشبه ما تكون بقوانين الدولة، وهي إنما توضع بعد تكون الدولة وقرارها، ولم يكن الحال كذلك إلا في المدينة، أما في مكة فقد تقضى زمن النبي

صلى الله عليه وسلم

بها في دعوة الناس إلى الدين الجديد، ولم يدخل فيه في السنوات الأولى إلا العدد القليل.

Halaman tidak diketahui