13
ويطول بنا القول لو عددنا أسماءهم وبينا نسبهم.
ونحن إذا ألقينا نظرة على الطبقة الأولى - بعد قراءة تاريخهم العلمي - وجدنا شخصياتهم العلمية مختلفة؛ فعمر بن الخطاب - مثلا - لا نجد له كثيرا من الأقوال في تفسير القرآن، كما لا نجده مكثرا في جمع الحديث، ولكن ميزته الكبرى - على ما يظهر لنا - قوته الفطرية في الحكم على الأشياء، وإصابته في معرفة العدل والظلم، وخبرته الواسعة بالعالم الذي يحيط به، يقول أبو ذر: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول: «إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به».
وهذه الميزة تفسر لنا بوضوح مواضع كفايته، فعقله عقل قضائي، كان يفتي الناس حتى في حياة رسول الله، ورويت عنه أحكام كثيرة في مشكلات المسائل، وفراسته في الناس وفيمن يوليه الأعمال فراسة في منتهى الصدق، جاء في العقد الفريد: كان عبد الله بن عباس من أحب الناس إلى عمر بن الخطاب، وكان يقدمه على الأكابر من أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم
ولم يستعمله قط، فقال له يوما: كدت أستعملك، ولكني أخشى أن تستحل الفيء على التأويل، فلما صار الأمر إلى علي استعمله على البصرة فاستحل الفيء على تأويل قول الله تعالى:
واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ، كذلك إدراته للمملكة الإسلامية على سعتها، ومواجهته لأمور عظام نشأت عن الفتح، لم تكن في عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم
Halaman tidak diketahui