103

Fajar Islam

فجر الإسلام

Genre-genre

إلى كثير من أمثال ذلك شحنت بها كتب الأدب. (الرابع):

هناك أمر آخر فارسي، كان له أثر كبير في حياة الأدب العربي، ذلك هو الغناء؛ فالظاهر أن العرب أخذوا كثيرا من النغمات الفارسية، ووقعوا عليها شعرهم العربي، قال أبو الفرج في كتابه الأغاني: «إن الغناء العربي لم يكن يعرف في زمان عمر بن الخطاب، إلا ما كانت العرب تستعمله من النصب والحداء، وذلك جار مجرى الإنشاد، إلا أنه يقع بتطريب وترجيع يسير ورفع للصوت»

8 .

وقال: «سعيد بن مسجح ... مولى بني جمح ... مكي أسود مغن متقدم، من فحول المغنين وأكابرهم، وأول من صنع الغناء منهم، ونقل غناء الفرس إلى غناء العرب، ثم رحل إلى الشام، وأخذ ألحان الروم والبربطية والأسطوخوسية، وانقلب إلى فارس، فأخذ بها غناء كثيرا وتعلم الضرب، ثم قدم إلى الحجاز، وقد أخذ محاسن تلك النغم، وألقى منه ما استقبحه من النبرات والنغم التي هي موجودة في نغم غناء الفرس والروم، خارجة عن غناء العرب، وغنى على هذا المذهب، فكان أول من أثبت ذلك، ولحنه وتبعه الناس بعده».

وحكى رواية أخرى وهي: «أن مسجع مر بالفرس وهم يبنون المسجد الحرام فسمع غناءهم بالفارسية فقلبه إلى شعر عربي:

ألمم على طلل عفا متقادم ... الأبيات».

وحكى «أن مولى ابن مسجح سمعه يتغنى، فسأله: أنى لك هذا؟ قال: سمعت هذه الأعاجم تتغنى بالفارسية فثقفتها وقلبتها في هذا الشعر، قال له: فأنت حر لوجه الله، فلزم مولاه وكثر أدبه، واتسع في غنائه ومهر بمكة».

وفي رواية ثالثة عن صفوان الجمحي عن أبيه قال: «أول من نقل الغناء الفارسي إلى الغناء العربي سعيد بن مسجح مولى بني مخزوم، وذلك أن معاوية بن أبي سفيان لما بنى دوره ... جعل لها بنائين فرسا من العراق، فكانوا يبنونها بالجص والآجر، وكان سعيد بن مسجح يأتيهم فيسمع من غنائهم على بنيانهم، فما استحسن من ألحانهم أخذه ونقله إلى الشعر العربي، ثم صاغ على نحو ذلك»

9 .

وذكر في موضع آخر: «أن ابن محرز كان أبوه من سدنة الكعبة، أصله من الفرس، وكان أصفر أجنأ طويلا، وكان يسكن المدينة مرة ومكة مرة، فإذا أتى المدينة أقام بها ثلاثة أشهر يتعلم الضرب من عزة الميلاء، ثم يرجع إلى مكة فيقيم بها ثلاثة أشهر، ثم يشخص إلى فارس فيتعلم ألحان الفرس، ثم صار إلى الشام فتعلم ألحان الروم وأخذ غناءهم، فأسقط من ذلك ما لا يستحسن من نغم الفريقين، وأخذ محاسنها فمزج بعضها ببعض، وألف منها الأغاني التي صنعها في أشعار العرب، فأتى بما لم يسمع بمثله، كان يقال له: صناج العرب، وهو أول من غنى بزوج من الشعر، وعمل ذلك بعده المغنون اقتداء به، وكان يقول: الأفراد لا تتم بها الألحان، وذكر أنه أول ما أخذ الغناء أخذه عن ابن مسجح»

Halaman tidak diketahui