إن الموت أمامي اليوم، كرائحة بخور المر، أو كالجلوس تحت الشراع في يوم شديد الريح
إن الموت أمامي اليوم، كرائحة زهرة السوسن، أو كجلوس الإنسان على شاطئ السكر
إن الموت أمامي اليوم، مثل مجرى الماء العذب! ومثل عودة الرجل من سفينة حربية إلى داره
إن الموت أمامي اليوم، كسماء صافية، ومثل رجل يصطاد طيورا لا يعرفها
إن الموت أمامي اليوم، كمثل رجل يتوق لرؤية منزله، بعد أن أمضى سنين عدة في الأسر.
وبالرغم من أن تلك الصور مأخوذة من الحياة في عالم متوغل في القدم، ومعظمها يكاد يكون غير مألوف لنا، فإنها لم تفقد كل تأثيرها في أنفسنا؛ إذ نجد فيها الحياة مشبهة بمرض طويل نشفى منه بالموت، مثلما يدخل الناقه حديقة جميلة، وأن الموت مثل عبير المر يحمله ريح النيل العذب بينما المسافر يجلس تحت الشراع الذي يزجيه الريح، وأن الموت مثل أوبة المحارب المنهوك القوى الذي كان يسير في المياء البعيدة ثم يقترب من وطنه، أو مثل السرور الذي يحدث في نفس الأسير العائد من المنفى النائي إلى الوطن السعيد. فتلك الصور لها تأثير شامل يؤثر في نفس كل إنسان في أي عصر وفي أي جو.
10
وموضوع المنظومة الرابعة هو النظرة العاجلة إلى المستقبل النهائي، الذي لم تتعرض لذكره الأنشودة السابقة قط، فإننا نجد في كل من مقاطعها الثلاثة أنه يبتدئ بقوله : «إن الذي هنالك»، وهو تعبير عادي، وبخاصة إذا ورد بصيغة الجمع. «إن الذي هنالك» يقصد به الأموات، وقد سبق أن رأيناه في النصيحة الموجهة إلى «مريكارع». فمن ذلك «أن الذي هنالك» سيكون نفسه إلها «ويوقع عقاب الشر على مرتكبه» لا على البريء كما هو الحال في حياة ذلك التعس الذي نحن الآن بصدده. ومن ذلك أيضا «أن الذي هنالك ينزل في السفينة السماوية مع إله الشمس، وسيرى أن أحسن القرابين تقدم لمعابد الآلهة ولا تصرف (عبثا) في الرشوة أو يسلبها السراق من الموظفين.» ومنه أيضا: «إن الذي هنالك» هو حكيم محترم لا يطرد عندما يشكو إلى الموظفين الفاسدين، بل يوجه شكايته إلى إله الشمس «رع» ويهيئ له تلك الفرصة وجوده يوميا مع الإله.
وقد سبق أن أعلن ذلك التعس في بداية شجاره مع روحه أنه مقتنع بتبرئته في عالم الآخرة، ثم هو يعود مرة ثانية إلى ذكر ذلك الاقتناع في المنظومة الرابعة التي هي خاتمة تلك الوثيقة المهمة، وبذلك تكون قد اختتمت بحل كالحلول التي تصورها نبي الله «أيوب» - عليه السلام؛ أي الالتجاء إلى العدالة في الحياة الآخرة (ولو أن «أيوب» - عليه السلام - لم يتخذ من ذلك مبررا لطلب الموت). وبذلك يكون الموت طريقا إلى الدخول في قاعة المحاكمة الإلهية؛ ولذلك وجب السعي إلى بلوغ تلك النهاية سعيا سريعا، فيقول:
الميزات السامية للقاطنين هنالك (يعني في الآخرة)
Halaman tidak diketahui