ولم يقتصر الحال على إعطاء إله الشمس اسما جديدا، بل منحه ذلك الملك الشاب كذلك رمزا جديدا؛ فقد ذكرنا فيما مر سابقا أن أقدم رمز لإله الشمس كان الشكل الهرمي، كما كان يرمز له كذلك بالصقر؛ لأن الصقر من أسمائه.
على أن هذين الرمزين كانا مفهومين بين سكان وادي النيل فقط، ولكن «أمنحتب الرابع» كان في مخيلته وقتئذ مسرح أفسح وأوسع من القطر المصري؛ إذ إن الرمز الجديد قد مثل لنا الشمس بقرص تخرج منه أشعة متفرقة متجهة إلى أسفل، كل شعاع منها ينتهي طرفه بصورة يد بشرية.
3
وقد كان ذلك الرمز يشعر بالسيادة، ويدل على السيطرة القوية الخارجية من منبعها السماوي وهي تضع أيديها فوق العالم وعلى شئون البشر الأرضية، هذا فضلا عن أن أشعة إله الشمس منذ عصر متون الأهرام قد شبهت بذراعين له، واعتبرها الناس إذ ذاك نائبة عنه في الأرض:
إن ذراع أشعة الشمس قد رفعت مع الملك «وناس».
صاعدة به إلى السماوات.
وقد كان ذلك الرمز الجديد سهل الفهم لكل البشر الذين يسيطر عليهم الفرعون، كما كان معناه واضحا كل الوضوح، حتى إنه كان في استطاعة سكان نهر الفرات أو رجال بلاد النوبة على النيل السوداني أن يدركوا عظم شأنه على الفور، بمعنى أن ذلك الرمز لم تقتصر دلالته على السيطرة العالمية فحسب، بل صار خليقا أن يكون رمزا عالميا إلى أقصى حد.
وكذلك بذلت بعض الجهود لتعريف القوة الشمسية التي رمز لها بتلك الصورة، فقد كان اسم إله الشمس الكامل: «حور أختي» (حور الأفق) فرحا في الأفق باسمه (الحرارة التي في «آتون»).
وكان ذلك الاسم يوضع في طغراءين ملكيين، مثل اسم الفرعون المزدوج (يعني اسمه ولقبه). وهذا الوضع مأخوذ من مشابهة سلطان آتون لسلطان الفرعون، كما أنه برهان آخر يدل بوضوح على التأثير الذي أوجدته الإمبراطورية المصرية بصفتها الحكومية في مذهب اللاهوت الشمسي. غير أن الاسم الموضوع في الطغراءين حدد لنا بوجه عام مقدار القوة المحسوسة الواقعية للشمس في العالم الظاهر، ولم تكن له أية دلالة سياسية قط.
والكلمة المصرية القديمة التي ترجمتها في اسم ذلك الملك «حرارة» قد يكون معناها أحيانا «نورا» أيضا، ومن الواضح أن ما كان الملك يعبده هو قوة الشمس التي نشعر بها على الأرض. وهذه النتيجة تنسجم مع العبارات العديدة التي سنجدها في أناشيد «آتون»، وهي التي نرى فيها «آتون» نشطا باسطا أشعته على كل مكان فوق وجه الأرض.
Halaman tidak diketahui