ومن الصعب أن يفهم العقل الحديث كيف أن مرافق الحياة جميعها قد تسرب إليها الاعتقاد في السحر بحالة صيرته صاحب السيطرة على العادات الشعبية، وظاهرا على الدوام حتى في أبسط الأعمال اليومية المنزلية العادية، فصار من الأشياء التي يزاولها الإنسان بطبيعة حياته كالنوم أو تجهيز الطعام، بل لقد صار السحر يتألف منه نفس الجو الذي كان يعيش فيه عالم الشرق القديم.
فكانت الحياة المنزلية في الشرق قديما غير ممكنة في نظر القوم إلا بالالتجاء دائما إلى نفوذ تلك العوامل السحرية، ولولا نفوذها لأبادت القوى المهلكة الخفية الحرث والنسل.
ولاعتقادهم أن مثل تلك الوسائل لا غنى عنها وبخاصة ضد الأمراض، فإن الأمور العادية الخاصة بالحياة المنزلية والاقتصادية كانت توضع دائما تحت حماية السحر؛ فكانت الأم لا يمكنها أن تهدئ من روع طفلها المتألم المريض وتجعله يضطجع طلبا للراحة إلا بعد الاستنجاد بالقوى الخفية لتقوم بتخليص الطفل من المرض ومن الحسد ومن سلطان أشباح الشر السوداء، التي كانت تكمن في جميع الأركان المظلمة من البيت، أو التي كانت تتسلل من الأبواب المفتحة عندما يسدل الظلام خيامه فوق البيت، وتدخل جسم ذلك الطفل الصغير فتنشر فيه الحمى.
وكان من هؤلاء الشياطين من يمكنهم التشكل في صورة محبوبة، فيقترب الواحد منهم من المريض الصغير مظهرا له العمل على شفائه وتخفيف آلامه. ونستطيع أن نسمع صوت الأم وهي تنحني على طفلها وتختلس النظر خلال ذلك الباب المفتوح إلى الظلمة المسكونة بقوى الشر هذه، وتقول:
هرول إلى الخارج أنت يا من تأتي في الظلمة، يا من يدخل إلينا خلسة وأنفه إلى خلفه، ووجهه فوق ظهره، ويا من تفقد ما قد جئت من أجله.
هرولي إلى الخارج يا من تأتين في الظلمة، ويا من تدخلين إلينا خلسة وأنفها إلى خلفها ووجهها فوق ظهرها، ويا من تفقدين ما قد جئت من أجله.
هل أتيت لتقبل هذا الطفل؟
إني لن أسمح لك بتقبيله!
هل أتيت لتخفف آلامه؟
إني لن أسمح لك بتخفيف آلامه
Halaman tidak diketahui