Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
Penerbit
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
Lokasi Penerbit
المملكة العربية السعودية
Genre-genre
يكونوا تائبين، بعد أن لقوا الله عارفين ١. وهم في مشيئته وحكمه، إن شاء غفر لهم، وعفا عنهم بفضله كما ذكر الله ﷿ في كتابه: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ ٢. وإن شاء عذبهم في النار بِعدلِه، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته، ثم يبعثهم الله إلى جنته " ٣.
هكذا يتقرر مذهب السلف، فالمذنب إن تاب فتوبته مقبولة، وإن مات ولم بتبْ فأمره مفوَّض إلى الله، إن شاء عذبه بعدله، وإن شاء عفا عنه بفضله. لكن حتى إن عُذِّب فإن تعذيبه يختلف تمامًا عن تعذيب الكافر فهو إنما يُعذَّب لِيطهر من الآثام التي ارتكبها. وقد ذكر الصابوني الفرق بين العذابين عن شيخه سهل بن محمد حيث قال:" وكان شيخنا سهل بن محمد ﵀ يقول: المؤمن المذنب، وإن عُذب بالنار فإنه لا يُلقى فيها إلقاء الكفار، ولا يبقى فيها بقاء الكفار، ولا يشقى فيها شقاء الكفار.
ومعنى ذلك أن الكافر يُسحَب على وجهه إلى النار، ويلقى فيها منكوسًا في السلاسل والإغلال، والأنكال الثقال. والمؤمن المذنب، إذا ابتُلِي بالنار فإنه يدخل النار كما يدخل المجرم في الدنيا السجن، على الرِّجل من غير إلقاء وتنكيس. معنى قوله: " لا يبقى في النار بقاء الكافر "، أن الكافر يُحرَق بدنه كله كلما نضج جلده، بدّل جلدًا غيره، ليذوق العذاب، كما بينه الله في كتابه في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ٤. وأما المؤمنون فلا تلفح وجوههم النار، ولا تحرق أعضاء السجود منهم، إذ حرَّم الله أعضاء (سجوده) ٥. ومعنى قوله:
_________
١ لو قال مؤمنين بدل قوله عارفين، كان أَوْلى، لأن من عرف الله ولم يؤمن به فهو كافر، وإنما اكتفى بالمعرفة الجهم، وقوله مردود باطل. انظر: المصدر نفسه ص ٣٥٧.
٢ النساء: ٤٨-١١٦.
٣ الطحاوي، أحمد بن محمد بن سلامة، العقيدة الطحاوية مع الشرح، ص٣٥٤-٣٥٥، ط٣، ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.
٤ النساء: ٥٦.
٥ هكذا في الأصل المطبوع، ولعل الصواب «أعضاء سجودهم» .
1 / 57