179

Faith Between the Salaf and the Theologians

الإيمان بين السلف والمتكلمين

Penerbit

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

الإيمان إذا كان عبارة عن التصديق والأعمال، والأعمال يتفاوت الناس في الإتيان بها، فيلزم من ذلك تفاضلهم في الإيمان وعدم تساويهم فيه.
كما أن النصوص المصرحة بالزيادة في الإيمان، لا يسع أحدًا إنكارها أو تأويلها بما لا يتفق مع مقاصد التشريع.
فقد استهلَّ الإمام البخاري ﵀ كتاب الإيمان من صحيحه بإيراد النصوص القرآنية المصحرة بلفظ الزيادة في الإيمان، حيث قال ﵀: وهو قول وفعل ويزيد وينقص، قال الله تعالى: ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ ثم ذكر ثماني آيات تنطق صراحة بزيادة الإيمان، فأي دليل بعد هذا الدليل وهل من اللائق أن نسلك طريقًا غير طريق القرآن، وأن نؤول هذه النصوص بما لا تحتمل، كما فعل أصحاب أبي حنيفة، إذ أوَّلوها بزيادة المؤمن به، وأن ذلك انتهى بانتهاء نزول الوحي. وأنه إنما كان في حق الصحابة، فأي دليل على هذا التخصيص، ثم إن النقصان لازم لما يقبل الزيادة دون جدال.
وقد تقدم ذكر الأوجه التي بها يزيد الإيمان، والنص هو المآل أولًا وآخرًا فما دام القرآن نطق بزيادة الإيمان فليس مع القرآن رأي، وما دام العقل لا يستسيغ التسوية بين المجرم والولي، فضلًا عن أن الشرع لا يقر ذلك، فكيف لنا أن نحكم بالتسوية بينهما.
وعلى كل حال، فقد ثبت أن الأعمال من الإيمان والأعمال مما يتفاوت الناس في الإتيان به على الوجه المطلوب، فذلك يؤدي بدوره إلى تفاوتهم في الإيمان.
ثم إن التصديق نفسه الذي اعتبره المرجئة، والأشاعرة هو الإيمان: يزيد وينقص. ومنهم من ذهب إلى زيادة الإيمان الذي هو التصديق ونقصانه، كما عرفنا ذلك عند بيان مذهب الأشاعرة فقد قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم ﵇: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ فالتصديق موجود، لدى إبراهيم ﵇، ولكن طلب زيادة فيه باطمئنان القلب.

1 / 198