وقوله لقريش {أهم خر أم قوم تبع والذين من قبلهم} ليس فيه دليل على أن أهل اليمن خير من قريش في الحسب ولا أنهم مثلهم وهم من ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ومن الذرية التي اصطفى الله {على العالمين} وليس لليمن والد من الأنبياء دون نوح وإنما خاطب الله بها مشركي قريش ووعظهم بمن قبلهم من الأمم الهالكة لمعصيته وحذرهم أن ينزل بهم مثل ما أصابهم فقال {أهم خر} من أولئك الذين كانت فيهم التبابعة والملوك ذوو الجنود والعدد ف {أهلكناهم} بالذنوب. والخير قد يقع في أسباب كثيرة يقال هذا خير الفارسين يريد أجلدهما وهذا خير العودين يريد أصلبهما. وكانت قريش كما قال الله قليلا فكثرهم ومستضعفين فأيدهم بنصره وخائفين أن تتخطفهم الملوك فآمنهم بحرمه بما رهصه لهم وأراد من تمكينهم وإعلاء كلمتهم وإظهار نوره لهم وتغيير ممالك الأمم لهم. ومن ذا من المسلمين يصح إسلامه ويصح عقده يقدم على قريش أو يعادل بها وقد قضى الله لها بالفضل على جميع الخليقة إذ جعل الأئمة منها والإمامة فيها مقصورة عليها أن لا تكون لغيرها والإمامة هي التقدم وهذا نص ليس فيه حيلة لمتأول؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأئمة من قريش.
[1.11.4]
وروى وكيع عن الأعمش عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في الخير والشر. وقال صلى الله عليه وسلم إن قريشا أهل صبر وأمانة فمن بغاهم الغوائل كبه الله لوجهه يوم القيامة وقال صلى الله عليه تعلموا من قريش ولا تعلموها وقدموا قريشا ولا تؤخروها. الزهري عن طلحة بن عبد الله ابن عوف عن عبد الرحمن بن الأزهر عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن للقرشي قوة الرجلين من غير قريش. قيل للزهري ما عنى بذلك؟ قال في فضل الرأي فكان يقال قريش الكتبة الحسبة ملح هذه الأمة علم عالمها طباق الأرض. وقال رسول الله صلى الله عليه لا يقوم أحد إلا لهاشمي. وحدثني يزيد بن عمرو قال حدثنا نصر بن خالد الضبي قال حدثنا عبد الله بن علي بن وثاب المدني عن مطرف بن أبي خويلد الهذلي قال سمع رسول الله صلى الله عليه رجلا وهو يقول[بسيط]
إني امرؤ حميري حين تنسبني
لا من ربيعة آبائي ولا مضر
فقال ذاك أضرع لخدك وأبعد لك من الله ورسوله.
[1.11.5]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك قال قلت يا رسول الله كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال تبغض العرب فتبغضني. وقال رسول الله صلى الله عليه من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف الناس فالحق في مضر. وروى أبو نعيم عن الثوري عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن أبي وداعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه وجعلهم فرقا فجعلني في خير فرقة وخلق قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا.
1.1.12
[1.12.1]
ثم يتلو العرب في شرف الطرفين أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة فإنهم لم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدون إلى أحد إتاوة ولا خراجا. وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ ثم نزلوا بابل ثم نزل أردشير بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس. وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة مهلكة ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه فسألهم أن يمنوا عليه وعلى من أسروا معه وأعطاهم موثقا من الله أن لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم ونصب حجرا بينه وبين بلدهم جعله الحد الذي حلف عليه وأشهد على ذلك الله ومن حضره من مرازبنه وأساورته فمنوا عليه وأطلقوه فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحمية بما أصابه فعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وحمل الحجر الذي كان نصبه أمامه في مسيره يتأول أنه ما تقدمه الحجر فإنه لم يجزه فلما صار إليهم ناشدوه الله وأذكروه به وما جعل على نفسه من عهده وذمته فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه فقتلوه وقتلوا حماته وكماته واستباحوا عسكره وأسروا ضعفته فلبثوا في أيديهم أسرى ثم أعتقوهم وأطلقوهم وغبروا بعد ذلك زمانا طويلا وقتلوا كسرى ابن فيروز وهذا شيء يخبر به عن أهل فارس فيما دونوا في سير ملوكهم من أخبارهم. ومن أقر بهذا على نفسه لعدوه وخصمه فما ظنك بما ستر وزين من أمره.
Halaman tidak diketahui