[1.9.9]
وأما أكلهم العلابي والعروق واللحم الني وتركهم طيب الأطعمة والأطبخة وحسن الأدب عند الأكل فهذا لعمري هو الأغلب على من الأغلب عليه الفقر فأما ذوو النعمة منهم والأقدار فقد كانوا يعرفون أطايب الطعام ويأكلونها ويأخذون بأحسن الآداب عليها. فالمضيرة لهم واسمها يدلك على ذلك فإنها تطبخ باللبن الماضر وهو الحامض فاشتق أصلها واسمها منها والهريسة لهم سميت بذلك لأنها تهرس أي تدق ويقال للمدق المهراس والوشيقة لهم والعامة تسميها العشيقة سميت بذلك لأنها توشق أي تقطع صغارا والعصيدة لهم سميت بذلك لأنها تعصد إذا عملت أي تلوى وكل شيء ألويته فقد عصدته ومنه قيل للمائل عنقه عاصد وقال مرزد[طويل]
لبكت بصاعي حنطة صاع عجوة
إلى صاع سمن فوقه يتريع
فهذا هو العصيدة وأما أمية بن أبي الصلت فإنه قال في عبد الله بن جدعان [وافر]
له داع بمكة مشمعل
وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردح من الشيزى ملاء
لباب البر يلبك بالشهاد
وهذا هو الفالوذ.
[1.9.10]
وهم أوصف الناس للطعام وألطفهم في ذكره. حدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال حدثنا أبو طفيلة قال حدثنا شيخ من أهل البادية قال ضفنا فلانا بحنطة كأنها مناقير النغران وتمر كأنه أعناق الورلان يوحل فيه الضرس. وحدثنا الأصمعي أيضا عن أعرابي أنه قال تمرنا خرس فطس يغيب فيه الضرس كأن نواه ألسن الطير تضع التمرة في فيك فتجد حلاوتها في كعبك. وحدثني عبد الرحمن عن عمه قال قال شيخ من أهل المدينة فأتاني بمرقة كأن فيها مشقا فلم أر إلا كبدا طافية فغمست يدي فوجدت مضغة فمددتها فامتدت حتى كأني أزمر في ناي. ولهم أطبخة كثيرة ومن أطبختهم الغسانية وهي لا تعرفها عامتنا كالحيسة والربيكة والخزيرة واللفيتة تركت ذكرها واقتصرت على ما تعرف. وكانوا يقولون أطيب اللحم عوذه يريدون أطيبه ما ولي العظم كأنه عاذ به . وكانوا يقولون إذا أكلتم فسموا وأدنوا يريدون بأدنوا كلوا مما بين أيديكم وكانوا يكرهون أكل الدماغ ويرون استخراجه رغبا وحرصا وقال قائلهم [طويل]
ولا يتقي المخ الذي في الجماجم ~
Halaman tidak diketahui