الذي يسفر برا وبحرا وما في ابدة من الكروم التي كاد العنب لا يباع فيها ولا يشترى كثرة وما كان بابدة من اصناف الملاهي والرواقص المشهورات بحسن الإنطباع والصنعة فانهن احذق خلق الله تعالى باللعب بالسيوف والدك وأخراج القروي والمرابط والمتوجه
وأما غرناطة فإنها دمشق بلاد الأندلس ومسرح الأبصار ومطمح الأنفس لها القصبة المنيعة ذات الأسوار الشامخة والمباني الرفيعة وقد أختصت بكون النهر يتوزع على ديارها واسواقها وحماماتها وارحائها الدأخلة والخارجة وبساتينها وزأنها الله تعالى بان جعلها مرتبة على بسيطها الممتد الذي تفرعت فيه سبائك الأنهار بين زبرجد الاشجار ولنسيم نجدها وبهجة منظر حورها في القلوب والأبصار استلطاف يروق الطباع ويحدث فيها ما شاءه الإحسان من الأختراع والابتداع ولم تخل من اشراف اماثل وعلماء اكابر وشعراء افاضل ولو لم يكن لها الا ما خصها الله تعالى به من كونها قد نبغ فيها من الشواعر مثل نزهون القلاعية وزينب بنت زياد وقد تقدم شعرهما وحفصة بنت الحاج وناهيك في الظرف والادب وهل ترى اظرف منها في جوابها للحسيب الوزير الناظم الناثر أبي جعفر ابن القائد الاجل أبي مروان بن سعيد وذلك أنهما باتا بحور مؤمل على ما يبيت به الروض والنسيم من طيب النفحة ونضارة النعيم فلما حان الانفصال قال ابو جعفر
(رعى الله ليلا لم يرع بمذمم ... عشية وارأنا بحور مؤمل)
(وقد خفقت من نحو نجد اريجة ... إذا نفحت هبت بريا القرنفل)
(وغرد قمري على الدوح وانثنى ... قضيب من الريحان من فوق جدول)
(ترى الروض مسرورا بما قد بدا له ... عناق وضم وارتشاف مقبل)
Halaman 56