بين يدي البواب يا هذا إن تركتني أدخل البستان جعلت هذا بري إليك فاقبل صلتي وخل سبيلي فلما نظر البواب إلى الدراهم خر مبهوتا وقال له البواب يا شيخ إن دخلت ونظر إليك الملك وسألك عن كيفية دخولك ما أنت قائل له قال عبد المطلب أقول له كان البواب نائما وشرط عليه عبد المطلب أن لا يكذبه إن دعاه الملك للمسائلة فيقول غفوت وليس لي بدخوله علم قال نعم فقال عبد المطلب إن كذبتني في هذا أصدقت الملك عن الصلة التي وصلتك بها فقال له البواب ادخل يا شيخ فدخل عبد المطلب البستان وكان قصر غمدان في وسط الميدان والبستان كأنه جنة من الجنان قد حف بالورد والياسمين وأنواع الرياحين والفواكه وفيه أنهار جارية في وسطه وإذا سيف بن ذي يزن قد اتكأ على عمود المنظرة من قصره وفي قصره يقول الشاعر.
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا
في رأس غمدان دارا منك محلالا
اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
وأسبل اليوم في برديك إسبالا
قال فلما نظر سيف بن ذي يزن عبد المطلب غضب وقال لغلمانه من ذا الذي دخل علي بغير إذني ليؤت به سريعا فسعى إليه الغلمان والخدم فاختطفوه من البستان فلما دخل عبد المطلب عليه رأى قصرا مبنيا على حجر مطلى بطلاء الورد منقشا بنقش اللازورد ووردا على أمثال الورد ورأى عن يمين الملك وعن شماله وبين يديه من الجواري ما لا عدد لهن ورأى قريب الملك عمودا من عقيق أحمر وله رأس من ياقوت أزرق مجوف محشى بالمسك ورأى عن يساره تورا من ذهب أحمر وعلى فخذه سيف نقمته مكتوب عليه بماء الذهب شعر يقول.
رب ليث مدجج كان يحمي
ألف قرن مغمد الأغماد
وخميس ملفف بخميس
بدد الدهر جمعهم في البلاد
.
قال الواقدي فوقف عبد المطلب بين يدي سيف ولم يتكلم الملك ولا عبد المطلب حتى كرع الملك في التور الذي بين يديه فلما فرغ من
Halaman 40