312

Fadail Thaqalayn

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

Genre-genre

واحتجوا بقوله تعالى أنفقوا مما رزقناكم (1) وبقوله تعالى: ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه (2) والإنفاق غليظ في المحنة، وهو يعدل البذل للنفس، فإنهما جودان: جود بالنفس وجود بالمال، وما سواهما محال عندهما.

ثم سألناهم عن الدرجة التي تلي درجة الإنفاق، فقالوا: درجة أهل الورع، واحتجوا بقول الله عز وجل: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون (3) وقوله تعالى: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله (4) فهذه علامات أهل الورع.

ثم سألناهم عن الدرجة التي تلي درجة أهل الورع، فقالوا: الزهد في الدنيا، واحتجوا بقوله تعالى: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء إلى قوله تعالى:

كأن لم تغن بالأمس (5) وبقوله تعالى: أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة (6) الآية.

فلما عرفنا هذه ما أجمعوا عليه من هذه الدرجات التي يتفاضل بها المؤمنون ، قلنا لهم: خبرونا عن هذه الدرجات التي قد اجتمعت في رجل، هل يدفعه أحد لم يجتمع فيه؟ قالوا: اللهم لا، قلنا: فما حكمه؟ قالوا: حكمه أنه أفضل المؤمنين، إلا أن يكون مؤمن آخر قد اجتمعت فيه الدرجات فيكونا سواء، قلنا: فهل عندكم حجة تدفعون بها هذه المقالة؟ قالوا: اللهم لا، وذلك أن كل درجة من هذه الدرجات قائمة بعينها، وقد أنزل الله سبحانه فيها كتابا، ووعد عليها ثوابا لا يشبه ما وعد الله تعالى في الدرجة الأخرى.

فلما أقروا بذلك، قلنا لهم: هل بقي شيء تحتجون به وترجعون عما أقررتم به؟

قالوا: لا نعرف في شيء من القرآن، ولا في قول قائل، ولا في المعقول، قلنا لهم:

خبرونا عن هذه الدرجات من الذي اجتمعت فيه، ومن فيه بعضها دون بعض، وسموهم لنا.

Halaman 334