ـ[فضائل القرآن]ـ المؤلف: ابن كثير، أبي الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر الناشر: مكتبة ابن تيمية الطبعة: الطبعة الأولى - ١٤١٦ هـ عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

Halaman tidak diketahui

المقدمات مقدمة المحقق بسم الله الرحمن الرحيم إنَّ الحمد لله تعالى نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. مَنْ يهد الله تعالى فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتابُ الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فهذا كتاب "فضائل القرآن" للإمام النحرير، السلفيّ الكبير، عماد الدين أبي الفداء، المعروف بـ "ابن كثير"، جرى فيه على منوال البخاريِّ، فذكر متنه وخرَّج أحاديثه، وعلَّقَ عليها تعليقات يسيرة، ثم أردف ذلك بباب جامع، سرد فيه طائفة من جياد الأحاديث، وألحقه الحافظ ابن كثير في آخر تفسيره في أول الأمر، ثم أثبته في أول التفسير بعد ذلك، فقال في "النسخة المكية" والمرموز لها بالرمز "أ" وكتبت سنة "٧٥٩" في حياة المصنف، وقبل موته بخمسة عشر عامًا، قال ﵀: "ذكر البخاريُّ ﵀ كتاب "فضائل القرآن" بعد "كتاب التفسير"؛ لأن التفسير أهم، فلهذا بدأ به، فجرينا على منواله وسننه مقتدين به". وقال في النسخة التي كتبها العالم الحنبلي ابن المحب ﵀، واسمه أحمد بن محمد بن أحمد بن المحب، وكانت وفاته سنة "٧٧٦" في شهر ربيع الآخر كما في "الدرر الكامنة" "١/ ٢٤٤/ رقم ٦٣١"، وكتب ابن المحب هذه النسخة في حياة المصنف، وله تقييدات عليها بخطه، وهي في

1 / 3

غاية الإتقان والتحرير، فقال ابن كثير -رحمة الله: "ذكر البخارى ﵀ كتاب "فضائل القرآن" بعد "كتاب التفسير"؛ لأن التفسير أهم، فلهذا بدأ به، ونحن قدمنا الفضائل قبل التفسير، وذكرنا فضل كل سورة قبل تفسيرها؛ ليكون ذلك باعثًا على حفظ القرآن، وفهمه والعمل بما فيه، والله المستعان". اهـ. وقد طُبِعَ هذا الكتاب مرارًا على مطبوعة الشيخ محمد رشيد رضا ﵀، واعتمد فيها على النسخة المكية، ولكن وقع في هذه المطبوعة تحريف كثير، وطبعه الناس بعده مقتفين أثره حتى في هذا التحريف، ولم يخدم بتخريج أحاديثه وآثاره، أضف إلى ذلك أن ابن كثير ألحق نحو صفحتين خلت منهما النسخة المكية، فبهذا تكون هذه الطبعة هي الوحيدة الكاملة، واعتمدت في إخراجها على أربع مخطوطات، يأتي وصفهنّ -إن شاء الله، وأوليت النص عناية فائقة، وأرجو أن يكون كما صنَّفَه صاحبه -إن شاء الله تعالى، وخرَّجْتُ أحاديثه تخريجًا مختصرًا، وقد أطيل أحيانًا إطالةً خفيفة لأمر اقتضاه المقام، وقد بسطت تخريج أحاديث هذا الكتاب في كتابي "تسلية الكظيم بتخريج أحاديث وآثار تفسير القرآن العظيم"، وقد نجز منه ثلاث مجلدات إلى نهاية سورة الفاتحة. والله أسأل أن يجعله زادًا إلى حسن المصير إليه، وعتادًا إلى يمن القدوم عليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا. وكتبه راجي عفو ربه الغفور أبو إسحاق الحويني الأثري حامدًا لله تعالى ومصليًّا على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أول ذي الحجة/ ١٤١٥هـ.

1 / 4

ترجمة الحافظ ابن كثير ﵀ ١: الإمام الحافظ المحدّث المؤرخ الثقة، ذو الفضائل، عماد الدين، أبو الفداء: إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير، القرشيّ، الدمشقيّ، الشافعيّ. وُلِدَ ﵀ بقرية "مجدل" من أعمال "بُصْرَى"٢. وكان أبوه من أهل "بُصْرَى"، وأمه من قرية "مجدل". وقومه كانوا "ينتسبون إلى الشرف، وبأيديهم نسب، وقف على بعضها شيخنا المِزّي، فأعجبه ذلك وابتهج به، فصار يكتب في نسبي بسبب ذلك "القرشيّ" -كما قال هو في ترجمة أبيه، في تاريخه "البداية والنهاية". وتاريخ مولده سنة ٧٠٠، كما ذكر أكثر من ترجم له، "أو بعدها بقليل" كما قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة، وهو تاريخ تقريبي، أرجِّحُ أنه مستنبط من كلامه في ترجمة أبيه، حيث ذكر أن أباه "توفي سنة ٧٠٣.. وكنت إذ ذاك صغيرًا ابن ثلاث سنين أو نحوها، لا أدركه إلّا كالحلم". و"ابن ثلاث سنين" لا يعرف تواريخ السنين -على اليقين- في تلك السن، فقد سمع إذن تحديد السنة التي مات فيها أبوه ممن حوله من إخوة أو أهل أو جيران، ولكنه يدرك أباه "كالحلم"، فالذي هو في سنٍّ أقل _________ ١ مأخوذة من "عمدة التفسير" للشيخ العلَّامة المحدث أبي الأشبال أحمد بن محمد شاكر ﵀ ورضي عنه. ٢ "مجدل": بكسر الميم وفتحها مع سكون الدال، و"بصري" بضم الباء وسكون الصاد وآخرها ألف مقصورة: بلد بالشام من أعمال دمشق، وهي قصبة كورة "حوران".

1 / 5

من الثلاث ما أظنه يذكر شيئًَا "كالحلم"، ولا أبعد من الحلم ولا أقرب، فهو حين موت أبيه قد جاوز الثالثة -في أكبر ظني، ولذلك أرجِّح أن مولده كان في سنة ٧٠٠ أو قبلها بقليل، وهو أقرب إلى الصحة من قول الحافظ ابن حجر: "أو بعدها بقليل"؛ لأن الذي "بعدها" لا يكاد يبلغ الثالثة عند موت أبيه. وكان أبوه "الخطيب شهاب الدين أبو حفص عمر بن كثير" من العلماء الفقهاء الخطباء، وُلِدَ -كما قال ابنه- في حدود سنة ٦٤٠، وترجم له ابنه الحافظ في تاريخه الكبير "البداية والنهاية"، ج١٤ ص٣١- ٣٣، ومما قال في ترجمته: "اشتغل بالعلم عند أخواله بني عقبة ببصرى؛ فقرأ "البداية" في مذهب أبي حنيفة، وحفظ "جمل الزَّجَّاجي"، وعني بالنحو والعربية واللغة، وحفظ أشعار العرب، حتى كان يقول الشعر الجيد الفائق الرائق في المدح والمراثي وقليل من الهجاء، وقرر بمدارس بصرى بِمَبْرَكِ الناقة شماليّ البلدة، حيث يُزَار، وهو المبْرَك المشهور عند الناس١! والله أعلم بصحة ذلك، ثم انتقل إلى خطابة القرية شرقيّ بُصْرَى، وتمذهب للشافعي، وأخذ عن النواوي والشيخ تقي الدين الفزاري -وكان يكرمه ويحترمه، فيما أخبرني شيخنا العلامة ابن الزملكاني، فأقام بها نحو من ١٢ سنة، ثم تحول إلى خطابة "مجدل": القرية التي منها الوالدة، فأقام بها مدة طويلة، في خير وكفاية وتلاوة كثيرة، وكان يخطب جيدًا، وله مقول عند الناس، ولكلامه وقع؛ لديانته وفصاحته وحلاوته، وكان يؤثر الإقامة في البلاد٢، لما يرى فيها من الرفق ووجود الحلال له ولعياله. وقد وُلِدَ له عدة أولاد من الوالدة ومن أخرى قبلها؛ أكبرهم: إسماعيل، ثم يونس، _________ ١ يريد هؤلاء الناس -فيما يزعمون: مَبْرَك ناقة صالح ﵇. ٢ يعني: القرى.

1 / 6