شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
Genre-genre
أما الكتاب فقوله تعالى لإبراهيم وإسماعيل: ﴿أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [سورة البقرة: ١٢٥]، ومعلوم أن تطهير البيت التطهير المعنوي من الشرك، والبدع، والمعاصي الظاهرة أولى من تطهيره التطهير الحسي الغسيل، والتنظيف، وإن كان هذا مطلوب، فطلب منهما أن يطهرا بيت الله لمن؟ للطائفين، والعاكفين، والركع السجود، فدل على فضل الاعتكاف، وأنه مقرون بالصلاة والطواف.
وقد اعتكف النبي ﵊ وأصحابه، وأزواجه من بعده.
والأفضل أن يكون الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؛ لأنه هو الذي استقر عليه أمر النبي ﵊.
قالت عائشة ﵂: "كان النبي ﵊ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ﷿ ثم اعتكف أزواجه من بعده" وهذا في الصحيحين وإن اعتكف في غير هذه العشر فلا بأس، العشر الأول، العشر الوسطى، في شوال، في القعدة في غيرها من الأشهر، العبادة ليس لها وقت، لكن أفضلها ما داوم عليه النبي ﵊ وهو العشر الأواخر من رمضان.
ولا يجب الاعتكاف ولا يلزم إلا بالنذر لقوله ﵊: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» [رواه البخاري].
والاعتكاف مع الصيام أكمل، لكنه يصح بلا صوم؛ لأن عمر ﵁ سأل النبي ﵊ عن نذر نذره أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له: «أوف بنذرك» ولأن الاعتكاف والصيام عبادتان منفصلتان فلا يشترط لأحدهما وجود الأخرى، ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه أي تقام فيه صلاة الجماعة؛ لأن صلاة الجماعة واجبة بالنسبة للرجال، فلا يعتكف في مسجد مهجور، كان مسجد ثم ترك، ارتحل عنه أهله، أو في مسجد طريق وإلا شبهه، ما تقام فيه الجماعة، لا، لأن الجماعة واجبة والاعتكاف سنة، لا يفرط بواجب لتحصيل سنة.
هذا بالنسبة للرجال الذين تلزمهم الجماعة، وأما المرأة فيصح الاعتكاف منها.
5 / 17